لم ينتهى الوضع المأساوي بهذا الشكل
وكان قد خرب من الكنائس فى تلك الاحداث
- كنيسة الزهرى في الموضع الذي فيه البركة الناصرية
- كنيسة الحمراء
- كنيسة بجوار السبع سقايا، تعرف بكنيسة البنات
- كنيسة بحارة الروم
- كنيسة الفهادين بالقاهرة
- كنيسة بالبندقانيين
- كنيسة بخزانة البنود
- كنيستان بحارة زويلة
- كنيسة بالخندق
- كنيسة بخرائب التتر من قلعة الجبل
- أربع كنائس بثغر الإسكندرية
- كنيستان بمدينة دمنهور الوحش
- أربع كنائس بالغربية
- ثلاث كنائس بالشرقية
- ست كنائس بالبهنساوية
- وبسيوط ومنفلوط ومنية الخصيب ثمان كنائس
- إحدى عشر كنيسة بقوس وأسوان
- كنيسة بالاطفيحية
- بسوق وردان من مدينة مصر وبالمصاصة
- ثماني كنائس بقصر الشمع
- وخرب من الديارات وبيوت النصارى شيء كثير
- وكانت هذه الاحداث الجليلة في مدة يسيرة قلما يقع مثلها في الأزمنة المتطاولة !!
هلك فيها من الانفس وتلف فيها من الأموال وخرب من الأماكن ما لا يمكن وصفه لكثرته ولله عاقبة الأمور
حريق القاهرة سنة 1321م
فلم يمضي شهر من يوم هدم الكنائس حتى وقع الحريق بالقاهرة ومصر في عدة مواضع وحصل فيه من الشناعة أضعاف ما كان من هدم الكنائس
فوقع بداية الحريق في ربع بخط (حي) الشوايين من القاهرة واستمر الى يومين فتلف في هذا الحريق شيء كثير
وعندما أطفى الحريق بحارة الديلم (سميت بذلك لنزول الديلم والأتراك بها سنة 368 هـ) بالقرب من دور كريم الدين ناظر الخاص وكانت ليلة شديدة الريح فسرت النار من كل ناحية حتى وصلت الي بيت كريم الدين وبلغ ذلك السلطان فانزعج انزعاج عظيم لما كان هناك من الحواصل السلطانية وسير طائفة من الامراء لإطفائه فجمعوا الناس لإطفائها وتكاثروا عليه فتزايد الحال في اشتعال النار
وعجز الامراء والناس عن إطفائها لكثرة انتشارها بالأماكن وقوة الريح التي ألقت باسقات النخل وغرقت المراكب فلم يشك الناس في حريق القاهرة كلها وصعدوا المآذن وضجوا بالتكبير والدعاء وجأروا وكثر صراخ الناس وبكاؤهم وصعد السلطان الى اعلى القصر فلم يتمالك الوقوف من شدة الريح واستمر الحريق ... والاستحثاث يرد على الامراء من السلطان في إطفائه حتى اليوم الرابع من اندلاع الحريق
وعمل في هذا الحريق أربعة وعشرون أميرا من الامراء المقدمين والعشروات والمماليك وصار الماء من حارة زويلة الى حارة الديلم في الشارع بحرا من كثرة الرجال والجمال التي تحمل الماء ووقف الأمير بكتمر والأمير ارغون على نقل الحواصل السلطانية من بيت كريم الدين الى بيت والده بدرب الرصاص وخربوا ستة عشر دارا من جوار الدار وقبالتها
ووقع في ثاني يوم حريق بدار امير "سلار " في حي بين القصرين ابتدأ من الباذهنج وكان ارتفاعه عن الأرض مائة ذراع بالعمل ووقع الاجتهاد فيه حتى أطفئ
ووقع حريق بحارة الروم وعدة مواضع حتى انه لم يخل يوم من وقوع الحريق في موضع ما
علامات ودلائل
فتنبه الناس لما نزل بهم لما من علامات منها ان النار كانت ترى من منابر الجوامع وحيطان المساجد والمدارس .... فاستعدوا للحريق وتتيعوا الأحوال حتى وجدوا هذا الحريق من نفط قد لف عليه خرق مبلولة بزيت وقطران
يضيف المقريزى: فلما كن الجمعة النصف من جمادى قبض على راهبين عندما خرجا من المدرسة الكهارية (في درب الكهارية بجوار حارة الجودرية) بعد العشاء الاخر وقد اشتعلت المدرسة ورائحة الكبريت في ايديهما فحملا الى الأمير علم الدين الخازن والى القاهرة فأعلم السلطان بذلك فأمر بعقوبتهما
فما هو أن نزل من القلعة وإذا بعامة قد أمسكوا نصرانيا وجد في جامع الظاهر (بالحسينية أنشأه الظاهر بيبرس البندقدارى) ومعه خرق علي هيئة الكعكة في داخلها قطران ونفط وقد ألقي منها واحدة بجانب المنبر وما زال واقفا الى ان خرج الدخان فمشى يريد الخروج من الجامع وكان قد فطن به شخص وتأمله من حيث لم يشعر النصراني فقبض عليه وتكاثر الناس وجروه الى بيت الوالي وهو بهية المسلمين ( يرتدى ملابس المسلمين )
اعتراف بالحقيقة
فعوقب هذا النصراني مع الراهبين بعد ان اعترافا بان جماعة من النصارى قد اجتمعوا على عمل نفط وتفريغه ووضعه عند منابر الجوامع وأنهم من سكان دير البغل ("دير القصير" من اديرة الكاثوليك النصارى شرقي طرا وأمر الحاكم بأمر الله بهدمه عام 400 هـ)
وأنهما اللذان أحرقا المواضع السابق ذكرها بالقاهرة غيرة وحنقا من المسلمين ولما كان من هدمهم للكنائس
وذكى الأمير كريم الدين ناظر الخاص ان يستدعى بطرك النصارى فرسم السلطان اليه في الإسكندرية ليتحدث معه في امر الحريق وما ذكره النصارى من قيامهم في ذلك فجاء في حماية والى القاهرة في الليل خوفا من العامة فلما دخل بيت كريم الدين بحارة الديلم وأحضر أليه الثلاثة النصارى من عند الوالي واعترافا امام الوالي والبطرك
موقف البطريك بنيامين الثاني
فلما سمعهم البطرك بكي بشدة وقال هؤلاء سفهاء النصارى وقصدوا مقابلة سفهاء المسلمين على تخريب الكنائس " وانصرف من عند كريم الدين مبجلا مكرما فوجد كريم الدين قد أقام له بغلة على بابه ليركبها فركبها وسار فعظم ذلك على الناس وقاموا عليه يدا واحدة فلولا ان الوالي كان يسايره وألا هلك ولما عرف العامة بذلك صاحت به: ما يحل لك يا قاضى تحامي للنصارى وقد أحرقوا بيوت المسلمين وتركبهم بعد البغال ؟!
مزيد من الاعترافات
فشق عليه ما سمع وعظمت نكايته واجتمع بالسلطان فأخذ يهون أمر النصارى الممسوكين ويذكر أنهم سفهاء وجهال فرسم السلطان الى الوالي بتشديد العقوبة فنزل عليهم عقابا شديد حتى اعترفوا بان اربعة عشر راهبا بدير البغل قد تحالفوا على إحراق ديار المسلمين كلها وفيهم راهب يصنع النفط وأنهم اقتسموا القاهرة ومصر
فكبس على دير البغل وقبض على من فيه وأحرق من جماعته أربعة بشارع صليبة جامع ابن طولون في يوم الجمعة وقد اجتمع لمشاهدتهم قوم عظيم واشتد من حينئذ جمهور الناس على النصارى وفتكوا بهم وصاروا يسلبون ما عليهم من ثياب حتى فحش الامر وتجاوزوا فيهم المقدار وانفجر بركان غيظ المسلمين على إثْر هذه الحادثة،
واحضر أليه الخازن نصرانيين قد قبض عليهما وهما يحرقان الدور فأمر بحرقهما فأخرجا وعمل لهم حفرة وأحرقا بمرأي من الناس
وبينما هم في إحراق النصرانيين إذا بكاتب ديوان نصراني بديوان الأمير بكتمر قد مر يريد بيت الأمير فعندما عاينه العامة ألأقوه من دابته الى الأرض وجردوه من جميع ما عليه من ثياب وحملوه ليلقوه في النار فصاح بالشهادتين وأظهر الإسلام فأطلق
واتفق هذا مرور كريم الدين وقد لبس التشريف من الميدان فرجمه العامة من هناك رجما متتابعا وصاحوا به: كم تحامى للنصارى وتشد معهم ؟! ولعنوه وسبوه فلم يجد بدا من العودة الى السلطان وهو بالميدان
اجتماع عاجل السلطان للتخلص من الشغب
فقال الابوبكري: العامة عمى والمصلحة ان يخرج إليه الحاجب ويسألهم عن اختيارهم حتى يعلم , لكن السلطان اعرض وكر هذه الفكرة
وقال نائب الكرك: كل هذا من أجل الكتاب النصارى فأن الناس أبغضوهم والرأي ان السلطان لا يعمل في العامة شيئا وإنما يعزل النصارى من الديون فلم يعجبه هذا الرأي أيضا
وقال لوالى القاهرة: اركب الى باب اللوق والي باب البحر ولا تدع أحدا حتى تقبض عليه وتطلع به الى القلعة ومتى لم تحضر الذين رجموا وكيلي (كريم الدين) الا وحياة رأسي شنقتك عوضا عنهم
اختفاء الشعب والعامة ؟؟
وعين مع والى القاهرة عدة من المماليك السلطانية فخرج الامراء بعد ما تلكئوا في المسير حتى اشتهر الخبر فلم يجدوا أحد من الناس ولا حتى غلمان الامراء وقفلت الأسواق جميعها وحل بالناس أمر لم يسمع بأشد منه وسار الامراء فلم يجدوا في طول طريقهم أحد الى ان بلغوا باب النصر
![]() |
حارة الروم |
وعلق جماعة على الخشب بباب زويلة والى تحت القلعة بسوق الخليل ومر الامراء بهم فتوجعوا لهم وكتن فيهم من له بزة وهيئة فتوسطوا لهم عند السلطان وتقدم الأمير كريم الدين وقبل الأرض وهو يسأل العفو فأنزل السلطان المعلقون من على الخشب
وعندما قام السلطان من الشباك وقع الصوت بحريق في جهة جامع ابن طولون وفى قلعة الجبل وفى بيت الأمير ركن الدين الاحمدي بحارة بهاء الدين وخارج باب البحر من المقس وما فوقه من الربع
وفى صبيحة يوم هذا الحريق قبض على ثلاثة من النصارى ووجد معهم فتائل النفط فأحضروا الى السلطان واعترفوا بأن الحريق كان منهم واستمر الحريق في الأماكن لمدة خمسة أيام
فلما ركب السلطان الى الميدان على عادته وجد نحو عشرين ألف من العامة قد صبغوا خرقا بلون أزرق وعملوا صلبانا بيضاء وعندما رأوا السلطان صاحوا بصوت واحد: لا دين ألا دين الإسلام نصر الله دين محمد بن عبد الله يا ملك الناصر يا سلطان الإسلام انصرنا على اهل الكفر ولا تنصر النصارى ........ فارتجت الدنيا من هول أصواتهم وأوقع الله الرعب في قلب السلطان وقلوب الامراء وسار وهو في فكر زائد حتى نزل الميدان وصراخ العامة مستمر فرأى في استعمال المداراة وأمر الحاجب ان يخرج وينادي بين يديه من وجد نصرانيا فله ماله ودمه فخرج ونادى بذلك فصاحت العامة: نصرك الله وضجوا بالدعاء
وخرج مرسوم بلبس النصارى العمامة الزرقاء وألا يركب أحد منهم فرسا ولا بغلا ومن ركب حمار فليركبه مقلوبا ولا يدخل النصرانى الحمام إل وفى عنقه جرس ولا يتزيا أحد منهم بزي المسلمين ومنع الامراء من استخدام النصارى وأخرجوا من ديوان السلطان وكتب لسائر الاعمال بصرف جميع المباشرين من النصارى وكثر إيقاع المسلمين بالنصارى حتى تركوا السعي في الطرقات وأسلم منهم جماعة كثيرة وكان اليهود قد سكت عنهم
وفى تلك الليلة وقع حريق في بيت الأمير ألماس الحاجب من القلعة وكان الريح شديدة فقويت النار ووصلت الى بيت الأمير أيتمش فانزعج اهل القاهرة وحسبوا أن القلعة جميعها قد احترقت ولم يسمع بأشنع من هذه الكائنة
فأنه احترق علي يد النصارى بالقاهرة
![]() |
باب النصر |
- ربع (حي) في سوق الشواين
- زقاق العريسة بحارة الديلم
- ستة عشر بيتا بجوار بيت كريم الدين
- عدة أماكن بحارة الروم
- دار بهادر بجوار المشهد الحسيني
- أماكن بأصطبل الطارمة وبدرب العسل
- قصر الأمير سلاح والأمير سلار وقصر بيسرى
- خان الحجر
- الجملون وقيسارية الادم
- دار بيبرس بحارة الصالحية
- دار ابن الغربي بحارة زويلة
- عدة أماكن بخط بئر الوطاويط
- قلعة الجبل وبالحكر
- في الكثير من الجوامع والمساجد الى غير ذلك من الأماكن بمصر يطول عددها
![]() |
باب زويلة |
أمر الملك الناصر قلاوون بغلق جميع كنائس النصارى، وبقيت مغلقة أكثر من سنة ونصف، وفي هذه الفترة جاء إلى مصرملك برشلونه (أسبانيا) يحمل فدية لأسير كان قد أسره السلطان، فلما شاهد رجال هذا الوفد ما يقع على رؤوس الأقباط من الظلم والبلاء انذهلوا، فطلبوا من السلطان فتح الكنائس مقابل مبلغ من المال يدفعونه له، وقد توسط ملك القسطنطينية وملك أسبانيا وقاما بإرسال وفد فأذن السلطان بفتح كنيستين إحداها للأقباط والثانية للروم الأرثوذكس.
وكذلك في سنة 1329 لما علم ملك الأحباش بما حل للنصارى أرسل رسلًا بكتاب منه إلى السلطان يعاتبه فيه على هدم الكنائس وقتل الأبرياء ويذكره بالمعاهدات التي بين أسلافه ملوك مصر السابقين، وطلب منه أن يعيد بناء ما خربه، وإلا سوف يقوم بهدم جوامع المسلمين التي في بلاده، إلا أن السلطان أعاد الرسول بلا جواب.
وبعد مضي فترة صرح للنصارى بأن يبنوا بعض الكنائس التي هدمت بناءً على طلبهم، بشرط ألا يتوسع فيها أو يزيد عليها شيئًا، حتى أن بعضها هدم بعد إعادة بناءه بدعوى أنهم أزادوا على ما كان قديمًا أو أضافوا إليها بعض الزخارف؛ كما حدث في إعادة بناء كنيسة القديسة بربارة.
رد الفعل على الكنسية ونشاطها
كانت هذه الاضطهادات التي شنها المماليك على الاقباط تحول دون سيامة الرعاة، كما أن تحول الكثيرين من المسيحيين إلى الإسلام أدى إلى قلة دخل الكنائس وفقر الرعاة، كما حال دون شغل منصب البطريركية مما أدى إلى اضطراب كثير من الأهالي الأقباط في حياتهم الدينية، وقد تسبب ذلك في دفن كثير من الموتى دون الصلاة عليهم، وتكفين أجسادهم في الحصر لعدم وجود أكفان تكفي أو الفقر الشديد لشراء الأكفان، كما أدت هذه إلى زواج كثيرين دون طقس الإكليل.
وإذا رسم كاهنًا فإنه كان يرسم كاهنًا دون كفاءة، وبدون علم بأصول تعاليم المسيحية أو تفسير للإنجيل أو دون تعليم على الإطلاق فقلت العناية الروحية بالشعب المسيحي.
كما أن ما تعرضت له الأديرة من هدم وتخريب أدى إلى تبديد الثروة، وإذا كان قد بقى فيها عدد من الرهبان فقد عمدوا إلى إخفاء ما تبقى، ولكن إذا ماتوا لا يعرف أحد أين خبئوها، فانحط المستوى اجتماعيا واقتصاديًا وروحيا.
كما تدخل السلاطين في كثير من الأحيان في انتخاب الأساقفة وحالوا دون إقامتهم؛ كما فعل الظاهر بيبرس حين امتنع عن الموافقة على انتخاب مطران للحبشة مما أدى إلى لجوء الإمبراطور الحبشي إلى بطريرك السريان كي يرسل إليه مطرانًا للحبشة لرعاية الشعب وتوجيهه