كثر الإضطهاد على المسيحيين الأولين، فكان الرومان بقيادة نيرون يطاردون المسيحيين من مكان إلى آخر. كانت الأوامر مشددة من نيرون نفسه، لكي يقضوا على كل مسيحي، فألقوا القبض على عشرات الآلاف من الرجال والنساء وحتى أولاد المؤمنين وساقوهم إلى العبودية والتعذيب ثم القتل، مما جعل الكثيرين منهم يلجأون الى المغاير والجبال هربا من هذا الإضطهاد الذي لم يسبق له مثيل.
لجأت إحدى العائلات الى أحد الكهوف، لتختبئ فيه.، كان الكهف معروفا لدى الجنود الرومان وهم لم يعلموا بذلك، لم تمضي بضعة أيام حتى داهمت ذلك الكهف كتيبة من الرومان بحثا عن من فيه. ولدى دخولهم بمشاعلهم المضيئة وهم يسيرون بخطوات ثقيلة، حدثت زلزلت في ذلك الجبل، وابتدأت الأرض تهتز والتراب يتساقط من كل نحو.
هب الجنود هرعا الى خارج الكهف، بغية إنقاذ حياتهم، لكن في أثناء ذلك، تعثر أحدهم هاويا الى أسفل الكهف، حيث لم يكن أي نور. توقف للحظة بعض الجنود، لكنهم عندما أدركوا عمق الحفرة، وما يحدث في ذلك الكهف، إذ كانت الحجارة تتساقط، إنصاعوا الى أوامر قائدهم، وتركوا رفيقهم، إذ ليس هناك أمل في إنقاذه، بينما هو يصرخ طالبا المعونة.
رجع الهدوء الى الكهف، ولم يزل ذلك الجندي الروماني في قعر الحفرة. وفجأة سمع صوت دعسات خفيفة، من فوق. فابتدأ من جديد ينادي طالبا المساعدة. لم يكن يعلم بأن الذي فوق، هو نفس تلك العائلة المسيحية، التي جاء هو للقبض عليها وقتلها.
فهل يمدوا يد المساعدة لمن جاء ليقتلهم؟.
مرة أمام أعين ذلك الأب تخيلات ومشاهد كثيرة، فلم يخفى لديه معرفة قلوب هؤلا الجنود القساة، ولا كيف كانوا يرمون اطفال المسيحين للحيوانات المفترسة. لكنه تذكر أيضا قول الرب يسوع "احبوا اعداءكم. باركوا لاعنيكم. احسنوا الى مبغضيكم. وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم". طلب من زوجته حبلا، ثم أنزل ذلك الحبل الى ذلك الجندي، وابتداء الجميع معا في رفع ذلك الجندي من الحفرة.
إبتدأ قلب ذلك الأب وزوجته يطرقان بسرعة، فها ملامح ذلك الجندي تتضح لديهم. نعم ها هو بعينه، لقد رأوه سابقا يسوق رفقائهم، مقتادا إياهم الى الموت. وها هم الآن ينقذون حياته.
ما أن صعد ذلك الجندي من الحفرة، حتى أخذ النور من يد ذلك الرجل، ثم سأله قائلا... ما الذي جعلك تنقذ حياتي، واضعا نفسك وعائلتك في هذا الخطر العظيم؟ لقد تخلى عني رئيس الفرقة... مع أنني خدمته بأمانة كل هذه السنين الطويلة، ولم أعصى أوامره ولا لمرة واحدة. أما أنت، مع أني جئت لألقي القبض عليك لكي أقتلك، وها أنت تخاطر بحياتك وبحياة عائلتك لكي تنقذني؟
أجابته زوجة الرجل، لم يكن الأمر بهذه السهولة، لكن الرب يسوع المسيح أوصانا بأن نحب الذين يسيئون إلينا، ولم نستطيع أن نراك تتألم من دون أن نساعدك، وهو يحبك أنت أيضا، ويريدك أيضا أن تفعل هكذا.
ثم دعوه أن يأكل معهم... قبل الأكل، رفع ذلك الأب يداه، وشكر الله، لأنه حافظ عليهم، وشكر الله أيضا لأنه أنقذ ذلك الجندي... ما أن إنتهى ذلك الأب من الصلاة... حتى سأله الجندي... وهل يقبل المسيح شخصا مثلي لكي يكون من أتباعه...
في ذلك اليوم أصبح ذلك الجندي الروماني من أتباع المسيح، واضعا نفسه تحت نفس الإضطهاد عينه...
صديقي، قال الرب يسوع: خرافي تسمع صوتي وانا اعرفها فتتبعني... إن الرب يسوع يريد منا أن نتمثل به في كل شيء. في المحبة للآخرين، في المسامحة، وفي مقابلة الشر بالخير... فالمسيحية ليست كلام، لكنها حياة... حياة المسيح فيك وفيّ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق