لاشك أن شبابنا المبارك يقابل مصاعب كثيرة فى جهاده من أجل حياة الطهارة، وذلك بعد أن صارت ثورة الميديا تغمر حواسه - بإرادته أو بغير إرادته – باثارات لا تنتهى، ليلاً ولا نهاراً، من خلال عوامل ووسائل جديدة، وحروب روحية لم تكن تحدث فى الماضى.
لماذا ازدادت حروب الطهارة؟
إزدادت عبر وسائل كثيرة نذكر منها:
1- الشاشات المتنوعة:الكبيرة: التلفزيون والفضائيات والفيديو.
المتوسطة: الكمبيوتر ومواقع الإنترنت ووسائله الكثيرة للتواصل السمعى والبصرى.
الصغيرة: أى شاشة الموبايل الذى أصبح يمتلك إمكانيات الكمبيوتر كاملة تقريباً، بما فيها عدسات التواصل وملفات ومواقع الإنترنت.
وقد ازدحمت هذه الشاشات بالكثير من أفلام البورنو، كما أتاحت التواصل ونقل "الداتا" أو "المادة" من تليفون لآخر، ومن كمبيوتر لغيره فى كل أنحاء العالم.
2- التواصل البصرى والسمعى:
حيث أصبح من الممكن دخول الشباب على مواقع معينة- كثيرة ولا تقع تحت حصر - ليلتقى بآخرين منحرفين، من كل نوع، يقدمون فرص التسلية السلبية المدمرة، بالصوت والصورة...
3- الحروب الفعلية:إذ تكاثرت من خلال إمكانية تحويل علاقات الانترنيت إلى علاقات تلاقى فعلى، معروض كل يوم وكل ساعة.
كما صارت حرب الجسد متاحة فى أماكن العمل والدراسة والنوادى والتواصل الاجتماعى... وغير ذلك من وسائل الإثارة الشيطانية فى شكل بشر!
هل الطهارة ممكنة رغم هذا كله؟
قطعاً ممكنة، بل وقعاً مطلوبة بصورة أكثر من الماضى، فحياة الدنس "دمار خماسى" رهيب، لأن الخطية:
1- تدمر الروح: إذ تحرمها من الله، ومن الشبع بوسائط النعمة والتواجد فى الأماكن المقدسة.
2- تدمر العقل : إذ يضطرب باحثاً عن الخطيئة، ومخططاً لإمكانية ممارستها دون خسائر اجتماعية... إلخ. كما أن ذهن الشباب المنحرف مشتت، وغير منتج، ولا مبدع، ولا ناجح، لا دراسياً ولا علمياً.
3- تدمر النفس : فنفس الخاطئ فاقدة للسلام، بحسب نص الكتاب:
"لاَ سَلاَمَ قَالَ الرَّبُّ لِلأَشْرَارِ" (إش 22:48). الخطية تعطى إحساساً بالذنب "Sense of guilt" مدروس وموصوف لدى علماء النفس ورجال الدين بآن واحد.
4- تدمر الجسد : فلا توجد خطية لا تترك آثاراً جسدية مرة وأضراراً صحية رهيبة:
السجائر: تحدث سرطان الرئة وأمراض القلب، وأمراض أخرى كثيرة.
المخدرات: تحدث تآكلاً فى خلايا المخ.
المسكرات: تحدث سرطاناً فى الكبد والمثانة.
النجاسة: تنقل أمراضاً معروفة "بالأمراض المنقولة جنسياً" (Sexually Transmitted Diseases) مثل: السيلان والهربس والزهرى والكالاميديا وأخطرها الإيدز.
5- تدمر العلاقات: فالإنسان الخاطئ فاشل اجتماعياً، وفاقد لثقة الآخرين، فلا يشاركونه صداقة، ولا مشروعاً، ولا عملاً!!
ورغم ذلك الطهارة ممكنة!!
طبعاً... لأن المسيحية لم تحدثنا عن جهاد إنسانى يستطيع أن يهزم كل هذه الأعداء: الجسد والعالم والشيطان، بل عن جهاد مشترك تغذيه النعمة الإلهية، وتجعله ناجحاً ومثمراً. فقد قال لنا الرب: "بِدُونِى
لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً" (يو 15: 5).
وقال لنا الرسول بولس: "أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَىْءٍ فِى الْمَسِيحِ الَّذِى يُقَوِّينِى" (فى13:4). هذه "السينرجية" (Synergism) أى "العمل المشترك" بين نعمة الله العاملة فينا، بالروح القدس، والجهاد الأمين الذى يقوم به الإنسان بمعونة من الله، هذه السينرجية (الجهاد والنعمة) هى الحل!!
ومنذ القديم قال لنا سليمان الحكيم: "اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ" (أم 7:27).
ولهذا.. فالإنسان المؤمن يشبع كل يوم بعمل الله فى حياته، وحضور المسيح فى قلبه، وهذا يمتد بالتالى إلى حواسه وفكره ومشاعره وسلوكياته.
كيف يكون الشبع الروحى؟
من خلال وسائط النعمة المعروفة، والتى نقصر دائماً فى الحصول عليها.
1- الصلاة: أى تكوين علاقة محبة مع الله من خلال الحديث الحرّ، أو ساعات الأجبية، أو مناداة الرب باستمرار: "ياربى يسوع المسيح ارحمنى".
2- التناول: حيث الثبات فى جسد الرب ودمه، حينما نتناول بفهم واستعداد وتوبة صادقة.
3- كلمة الله: حينما تطهر وتنقى قلوبنا بحسب وعد الرب:
"أَْنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكلاَمِ الَّذِى كَلَّمْتُكُمْ بِهِ" (يو 3:15). ولهذا يوصينا الرسول: "لِتَسْكُنْ فِيكُمْ كَلِمَةُ الْمَسِيحِ بِغِنىً" (كو 16:3)، وهكذا تفكرنا بنفسها فى المواقف والعثرات، فننتبه لخلاص أنفسنا ونترك أماكن الخطيئة.
4- الاجتماعات الروحية: حيث نستمع إلى كلمة الله، ونصلى ونرنم معاً، وندخل إلى صداقات مقدسة مع آخرين يسندون جهادنا فى نفس الطريق.
5- القراءات الروحية: فالكلمة المقروءة تشرح لنا الكتاب المقدس، وتقدم لنا الدسم الكنسى الفكرى من عقيدة وطقس وروحيات وسير قديسين... إلخ.
6- الاعتراف الأمين: فالإنسان النظيف لا يطيق ذرة تراب، ولذلك فالاعتراف هو محطات متابعة فى الحياة اليومية، حيث يراقب الإنسان: أفكاره، ومشاعره، وحواسه، وعلاقاته، وتصرفاته... ويقدم توبة دورية.
7- الحياة الكنسية: بما فيها من تسبحة وصلوات وأعياد وأصوام ومناسبات مشبعة، ترفع الإنسان إلى شركة السمائيين، بل إلى وحدة مع المسيح رب المجد.
المطلوب - إذن - من أجل الطهارة:
1- الاقتناع: بأن حياة النجاسة "دمار خماسى" بينما الحياة الطاهرة بنيان للكيان الإنسانى كله: الروح والعقل والنفس والجسد والعلاقات.
2- الامتناع: فلا يكفى الاقتناع بأن طريق الخطية مدمر، ثم أظل فيه بلا مبالاة ولا جهاد...
المطلوب هو قرار: "أقوم" و "اذهب" و "أقول لأبى"!! أى أن أترك أرض الخطية، وأصدقاء السوء، والتقى بأبى الروحى للاعتراف الأمين.
3- الإشباع: لأنه بدون شبع روحى، يستحيل الجهاد، وتصعب النصرة.
أما الإنسان الشبعان: روحياً بالمسيح، وفكرياً بالقراءات المقدسة وحياتياً بالأنشطة البناءة، ودراسياً وكنسياً ورياضياً واجتماعياً... هذا الإنسان - قطعاً - قادر بالمسيح على حياة النصرة المقدسة.
إنه سيهتف قائلاً: "فِى هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا، بِالَّذِى أَحَبَّنَا" (رو 37:8).
وصفة مبسطة لحياة الطهارة
1- اشبع... بالمسيح والحياة الكنسية.
2- تحفظ... لحواسك وعلاقاتك.
3- جاهد... حتى تنتصر ولا تسقط!
4- لا تيأس... اعترف وقم... فتخلص!!
والرب معنا جميأ
تابعنا على فيسبوك من
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق