انتفاضة الاقباط في عهد الملك الناصر محمد بن قلاوون والملك الاشرف صلاح الدين خليل

. . ليست هناك تعليقات:

كثير ما يوصف الاقباط بالسلبية وعدم المبالاة وعدم المشاركة في الحياة الاجتماعية وأيضا يصفهم كتاب في العصر الحديث بأنهم قوم ينكل بهم ولا ترى رد فعل منهم عملا بالآية "من ضربك على خدك الأيمن حول له الاخر" ( متي 39:5) وانهم دائما القوم المفتري عليهم والمغلوبون على امرهم
ولكن عند قراءة كتاب المقريزى الذي يؤرخ تاريخ الاقباط في العصور المختلفة التي مرت على مصر
تجد ان الاقباط اقاموا بعض الثورات والانتفاضات مثل ثورة البشموريون وثورة أخرى في عام 1321 م التي يذكرها المقريزى بكتابه تحت عنوان (حريق القاهرة وانتفاضة الاقباط سنة 1321) وهي موضع درستنا اليوم


تعددت الثورات والانتفاضات والعنف الطائفي وان لم يكن الاسباب الرئيسية لكل هذه الاحداث – من وجهة نظري -واحدة منذ نهاية عصر عمر بن العاص حتى يومنا هذا .......... من تلك الأسباب: -


  1. التربية وزرع الكراهية في النفوس منذ الصغر للآخر وعدم احترام الاخر
  2. عدم تطبيق القانون او احترامه في والاكتفاء بالجلسات القبائلية 
  3. اتخاذ عقاب جماعي غير عادل ومنصف كحل مؤقت
  4. عدم الانصاف من قبل الحاكم او القاضي وتزوير التاريخ عملا بــ " أنصف اخيك ظالم او مظلوم "
  5. ايهام العامة من الناس المؤمنين منهم او غيرهم ان قتل او نهب المواطن من غير دينه انه خدمة لله وتقربا منه ونصرة له
  6. السبب الاغرب في جميع العصور هو "المجذوب او المجنون "


بداية الاحداث "كنيسة الزهري وكنائس الحمرا"
كانت في الموضع الذي فيه اليوم البركة الناصرية بالقرب من قناطر السباع في بر الخليج الغربي غربي اللوق
لما أنشاء الملك الناصر بن قلاوون ميدان المهارى المجاور لقناطر السباع في 1319 م قصد بناء زريبة على النيل الأعظم بجوار الجامع الطيبرسي فأمر بحفر المكان لأجل بناء الزريبة وأجرى الماء الى مكان الحفر فصار يعرف بالبركة الناصرية وكان الحفر الى جانب كنيسة الزهري وكان بها من النصارى الكثير ولا يزالون فيها وبجانبها أيضا عدة كنائس في الموضع الذي يعرف بحكر أقبغا ما بين السبع سقايات وبين قنطرة السد


الناصر بن قلاوون
كنيسة كالصخر

أخذ الفعلة في الحفر حول كنيسة الزهري حتى بقيت قائمة في وسط موضع الحفر وزاد الحفر حتى تعلقت الكنيسة وكان القصد من ذلك أن تسقط من غير قصد لخرابها ولم تسقط وصار العامة من غلمان الامراء العاملين في الحفر وغيرهم في كل وقت يصرخون على الامراء بهدمها والامراء يتغافلون عنهم


يوم اسود في اضطهاد الاقباط

الى أن كان يوم جمعة التاسع عشر ربيع الاخر بعد صلاة الجمعة والعمل من الحفرة لم يأتي بنتيجة فتجمع عدة من غوغاء العامة بغير مرسوم السلطان وقالوا بصوت عالي: الله وأكبر ووضعوا أيديهم بالمساحي (أدوات هدم) وتوجهوا نحو كنيسة الزهري وهدموها حتى بقيت كوما وقتلوا من كان فيها من النصارى وأخذوا جميع ما فيها


ما فعله الغوغاء قبل انتهاء صلاة الجمعة 



ويضيف المقريزى : وهدموا كنيسة "مارمينا" التي كانت بالحمرا وكانت معظمة جدا النصارى من قديم الزمان وبها عدد من النصارى قد انقطعوا عن العالم فيها ويبعث الى الكنيسة بالكثير من النذور الجليلة والصدقات الكثيرة، فوجد العامة فيها مال كثير بين نقد ومصاغ وغيره وتسلق العامة اعلاها وفتحوا أبوابها وأخذوا منها مالا وقماشا وجرار خمر فكان امر مهولا

ثم مضوا الى كنيستين بجوار السبع سقايات أحدهما تعرف بكنيسة البنات كان يسكنها بنات النصارى فكسروا أبواب الكنيستين وسبوا البنات وكن زيادة عن ستين بنت وأخذوا ما عليهم من ثياب ونهبوا سائر ما ظفروا به وحرقوا وهدموا تلك الكنائس كلها


ماذا حدث بعد صلاة الجمعة في هذا اليوم


فعندما خرج الناس من الجوامع شاهدوا هولا كبيرا من كثرة الغبار ودخان الحريق ومرج الناس وشدة حركاتهم ومعهم ما تهبوه فما شبه الناس الحال –لهوله-الا بيوم القيامة وطار الخبر ووصل الى السلطان بضجة عظيم ورجة منكرة أفزعته فبعث لكشف الخبر فلما بلغه ما وقع انزعج انزعاج عظيما وغضب من تجرؤ العامة على ذلك وأمر الأمير "ايدغمش" أمير اخور أن يركب بجماعة الاوشاقية (وهي فرقة من خدم السلطان يقومون على رياضة خيله وتسييرها) لكي يدرك هذا الخلل


وبينما يتهيأ للركوب إذا بخبر قد ورد من القاهرة أن العامة ثارت في القاهرة وخربت كنيسة بحارة الروم وكنيسة بحارة زويلة وخبر اخر من مدينة مصر أيضا بأن العامة قامت بمصر في جمع كثيرا جدا وزحفت الى كنيسة المعلقة بقصر الشمع فألقها النصارى وهم محصورون بها وهي على أن تؤخذ وأيضا اخبار من دمنهور وقوص وكثير من مدن مصر وذلك كله قبل انقضاء النهار

غضب السلطان !!!!

فتزايد غضب السلطان وهم أن يركب بنفسه ويبطش بالعامة ثم تأخر لما راجعه الأمير إيدغمش، ونزل من القلعة مع اربعة من الامراء الى مصر وأرسل الأمير بيبرس والأمير ألماس الى موضع الحفر وأرسل الأمير طينال الى القاهرة وكل منهم بحشد من عدة وافرة وذلك بعد ان امر السلطان بقتل من قدروا عليه من العامة

فقامت القاهرة ومصر على ساق وفر العامة في النهاية ولم يظفر الامراء إلا بمن عجز عن الحركة وسكر بالخمر الذي نهبه

ولحق الأمير إيدمغش الي مصر الى المعلقة ليخرج العامة ومن حضر للنهب فجرد ايدمغش ومن معه السيوف ولكن وجد عالما لا يقع عليه حصر فخاف سوء العاقبة فأمسك عن القتل وأمر أصحابه بإرجاف العامة (تخويفهم دون اراقة الدماء) وأخذه الرجم وأخيرا نادى مناديه من وقف للنهب حل دمه


الامير ايدمغش
ففر سائر من الجمع وتفرقوا وضار إيدمغش واقفا الي العصر خوفا من عودة العامة وألزم والي مصر أن يبيت بأعوانه هناك وترك معه خمسين من الاوشاقية
واما الأمير ألماس فأنه وصل الى كنائس الحمرا والزهري ليتداركها فإذا بها بقيت حطام وليس بها جدار قائم فعاد وعاد الامراء فردوا الخبر على السلطان وهو لا يزداد الا حنقا


المجذوب والمجنون سبب الاحداث الطائفية منذ الالاف السنين
وكان في هدم هذه الكنائس عجب العجاب .... وهو ان عندما فرغوا الناس من صلاة الجمعة قام رجل موله (مجذوب) وهو يصيح من وسط الناس اهدموا الكنيسة التي في القلعة اهدموها وأكثر من الصياح المزعج حتى خرج عن الحد ثم اضطرب




فتعجب السلطان والامراء من قوله وأرسل السلطان الى نقيب الجيوش والحاجب بالفحص عن ذلك فمضيا الى خرائب التتر من القلعة فإذا بكنيسة قد بنيت فهدموها ولم يفرغوا من هدمها حتى وصل الخبر بواقعة كنائس الحمرا بالقاهرة فكثر تعجب السلطان من شأن ذلك الفقير


واتفق أيضا "بالجامع الازهر " أن الناس لما اجتمعوا في هذا اليوم لصلاة الجمعة أخذ شخصا من الفقراء مثل الرعدة ثم قام بعدما أذن قبل أن يخرج الخطيب وقال: اهدموا كنائس الطغيان والكفر .......نعم .... الله وأكبر ....... فتح الله ونصره........ وصار يؤذى نفسه ويصرخ من الأساس الى الأساس فحدق الناس بالنظر اليه ولم يدروا ما خبره


وافترقوا في امره فقائل: هذا مجنون ...... وقائل اخر : لا هذه إشارة لشيء .... فلما خرج الخطيب أمسك عن الصياح وطلبه الخطيب بعد انقضاء الصلاة فلم يوجد فلما خرجوا وجدوا الناس ومعهم أخشاب الكنائس وثياب النصارى فظن الناس الامر كما قيل .........فسالوا عن الخبر فقيل: نادى السلطان بخراي الكنائس !!!!!!! حتى تبين بعد حين بعد قليل أن هذا الامر من غير امر السلطان


وورد أيضا بمدينة قوص في اليوم التاسع عشر من ربيع الأخر بان الناس عنما فرغوا من صلاة الجمعة .... قام رجل من الفقراء وقال: يا فقراء اخرجوا الى هدم الكنائس فخرج في جمع من الناس فوجدوا الهدم قد وقع في الكنائس فهدمت ست كنائس بقوص وما حولها في ساعة واحدة


وكذلك اخبار بمدينة دمنهور بأن كنيستين هدمتا والناس في صلاة الجمعة من هذا اليوم فكثر التعجب من ذلك

يوم لا ينسي في التاريخ القبطي

وتواصل الخبر من الوجه القبلي والوجه البحري بكثرة ما هدم في هذا اليوم وقت صلاة الجمعة وما بعدها من الكنائس والاديرة في جميع أقاليم مصر ما بين قوص والإسكندرية ودمياط فاشتد حنق السلطان على العامة خوفا من فساد الحال
وأخذ الامراء في تسكين غضبه وقالوا هذا الامر ليس من قدرة البشر ولو أراد السلطان وقوع هذه الاحداث لما قدر عليه !!
وما هذا الا بأمر الله سبحانه وبقدره لما علم من كثرة فساد النصارى وزيادة طغيانهم ليكون ما وقع نقمة وعذابا لهم



هذا والعامة اشتد خوفهم من السلطان لما كان يبلغهم عنه من التهديد بالقتل ففر عدة من الاوباش والغوغاء وأخذ القاضي فخر الدين ناظر الجيش في ترجيع السلطان عن فتكه بالعامة واخرج كريم الدين الكبير الى الإسكندرية لتحصيل المال وكشف الكنائس التي خربت بها أما الطرق والشوارع في ذلك اليوم كانت مريعة جداً لأنها كانت غاصة بالنهابين الحاملين فهي بيعات الكنائس وبيوت النصارى".وانتهى الوضع المأساوي بهذا الشكل ولم يعاقب أحد
عزيزي القارئ إذا كنت متوقع ان الاقباط ظلوا مستكنين بما حدث وبدون رد فعل في هذا العصر بالمقارنة بعصرنا إذا لا تفتح هذا الرابط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

https://st-julius.blogspot.com.eg/. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

انشر معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

إجمالي عدد زوار الموقع هذا الشهر

بحث هذه المدونة الإلكترونية

اضغط هنا للاستعلام الان

blogger

Translate

blogger

الاكثر مشاهدة

https://st-julius.blogspot.com.eg/

hi

مقالات

اضغط هنا للاستعلام الان

المشاركات الشائعة