5سنوات على رحيل البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية السابق، رحل، البابا الأديب والشاعر وحبيب الملايين، ولم يورث أموالًا أو أرصدة بالبنوك أو عقارات، بل ترك إرثًا علميًا عظيمًا، ليس للمسيحيين فقط بَل للمسلمين والعرب جميعا.
لقبه مفتى لبنان بـ"بابا العرب" وذلك خلال زيارته للبنان وإلقائه خطبة مؤثرة فى أحد الجوامع اللبنانية.
السيناريست مدحت العدل اختار نفس الاسم "بابا العرب"، ليطلقه على فيلم يروى قصة حياة البابا، إلا أن الكنيسة رفضت إنتاج فيلم عن البابا خارج أسوارها.
موقف البابا شنودة من القضية الفلسطينية وقراره بمنع الأقباط من زيارة القدس، إلا مع إخوانهم المسلمين بعد تحريرها، موقف عظيم، له صداه القوى فى الأوساط والأجواء العربية، حيث أكسبه شعبية عربية وإسلامية كبيرة، ففى مسجد أبو النور بدمشق اجتمع أكثر من ١٢٠ ألف مسلم ليستمعوا لعظته وتعليمه.
معلم الأجيال، لم يكن مجرد لقب، لكن كان تقديرًا لدوره حيث إن رئيس الكلية الإكليريكية أوكل له التعليم فى الكلية، وشهدت الكلية معه تطورا سريعًا وملحوظًا، وكان من أسس التعليم فى مدارس الأحد "فصول لتعليم الأطفال الدين" فتتلمذت الأجيال على تعاليمه.
لم يكن البابا شنودة مجرد واعظ فقد شهد اجتماع الأربعاء حضورًا كثيفًا من الشعب، بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، يتوافد الآلاف من القاهرة الكبرى، ومن خارجها فكانت رحلة الأقباط من القرى والصعيد والبحيرة للكاتدرائية يوم الأربعاء هى الرحلة المفضلة لديهم.
حصل البابا عام 1978 على جائزة أفضل واعظ ومعلم للدين المسيحي، من مؤسسة أمريكية، كما حصل على ثمانى درجات للدكتوراة بعدما تخرج فى كلية الآداب والإكليريكية.
ولد يتيمًا وأرضعته مسلمة، فقد رحلت والدته أثناء ولادته، فعاش فى العالم غريبًا، وله شعر انتشر بالكنيسة يقول فيه "غريبًا عشت فى الدنيا نزيلًا مثل آبائي.. غريبًا عشت فى الدنيا.. وأفكارى أهوائى غريبًا لم أجد سمعًا.. ولا يدرون ما بائى.. يحار الناس فى ألفى وفى صخب وضوضاء.. غريبًا لم أجد بيتًا ولم أحفل بناديها" وهى من أهم أبيات الشعر التى عرف بها البابا.
حياته فى سدة الكرسى البابوى بدأت بتوتر العلاقة بينه وبين الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، والذى حدد إقامته بدير الأنبا بيشوى من 1981 -1985، عكف خلالها على القراءة والتأمل والصلاة، وتعلم من تحديد الإقامة أدوات الاعتكاف، فكان رده على كل أزمة مر بها الأقباط الصمت ثم البكاء وأخيرًا يذهب للدير للاعتكاف، وفِى كل مرة يتدخل الوسطاء من السياسيين لإرضائه ليفض الاعتكاف، فكان حريصًا على ألا يُغضب أحدًا، وكما جاء إلى الكرسى البابوى فى رحلة توتر سياسي، رحل أيضًا عنه فى توتر سياسى فى 2012.