+ في أحد الأيام جاء إليه أخوة لينتفعوا منه. ولأنه ما كان يسمح لفكره بحديث بشري، ولا كان يتلفّظ بشيء من أمور العالم؛ فلمّا قالوا له: "الشّكر لله يا أبانا، إنّ هذه السنة أمطرت أمطارًا كثيرة، وقد شرب النخل وارتوى وها هو يُخرِج السّعَف ليجد الإخوة حاجتهم منه لعمل أيديهم"
، قال لهم:
"إن نعمة الروح القدس إذا ما حلّت في عقل إنسان أروَتْهُ وجدّدَتْه ليُخرِج أثمارًا تصلح لعمل الله"..!
+ مرّة كان القديس صاعِدًا من الإسقيط مع الإخوة، فَضَلَّ مرشدهم الطريق لأن الوقت كان ليلاً. فقال الإخوة للقدِّيس: "ماذا نصنع، لأن الأخ ضلّ الطريق؟"
فقال لهم:
"إن قلنا له شيئًا حَزنَ وخَجلَ، فالأفضل أن أتظاهر بأنِّي مريض وأقول إنِّي لا أستطيع المشي لأنّي في شِدّة، وبذلك نجلس إلى الغد"
، فلمّا أعلن لهم رأيه هذا وافقوا وقالوا: "ونحن أيضًا نجلس معك"، وفعلاً جلسوا.
+ في مرّة سأله أبوه الروحي الأنبا بموا: "كيف تقاتل الأفكار الشريرّة؟" فأجابه: "أنا يا أبي أُشبِه واحدًا جالسًا تحت شجرة عالية جدًّا، فإذا رأى الوحوش والذِّئاب مُقبِلة إليه، ولا يقدر أن يقف أمامها، يهرب إلى أعلى الشجرة ويَخلُص. كذلك أنا أيضًا أكون جالسًا في قلاّيتي، فإذا رأيت جميع أفكار العدو الشِّرّيرة مُقبِلة إليّ أهرب إلى حماية ورجاء معونة الله بالصلاة، فأخلُص من يد العدو..!"
+ في مرّة كان يأكل مع الآباء، فقام واحد من الشيوخ الكبار ليسقيهم ماءً، فلم يقبل منه أحد خجلاً وتحشُّمًا، إلا يوحنا القصير، فتعجبّوا منه وقالوا له: "كيف وأنت صغير بين الإخوة جَسرتَ على أن يخدمك مثل هذا الشيخ الكبير؟!" فقال: "أنا إن كنت في خدمة وأردتُ أن أناول أحد الإخوة كوز ماء، أفرح بالذي يبادر ويأخذ منِّي ليصير لي الأجر، فلذلك قبلت أنا من الشيخ ذلك لأكمِّل أجره، وذلك بدلاً من أن يخجل لأنه لم يقبل منه أحد شيئًا"، فلما سمعوا انتفعوا من إفرازه وحكمته.
+ في يومٍ كان القديس يوحنا القصير يأكل أغابي مع الرّهبان، وانكشفت له رؤيا بالروح القدس، فرأى فَرقًا بين الإخوة الآكلين.. فكان بعضهم يأكلون عسلاً؛ وآخرون يأكلون خبزًا؛ وآخرون يأكلون ترابًا. ولمّا كان القديس مندهشًا من هذا السِّر، جاءه صوت من السماء قائلاً: "الذين يأكلون عسلاً هم الذين ياكلون بمخافة الله وفرح روحي، ويصلُّون بلا انقطاع، ويلهجون في السماويّات، فصلواتهم تصعد إلى العُلا كالعِطر المقبول عند الله، ولذلك هم يأكلون عسلاً.. والذين يأكلون خُبزًا هم الذين يأكلون بشكر ممجِّدين الله على أعماله وهِباته التي أعدّها لهم.. أمّا الذين يأكلون تُرابًا فهم الذين يأكلون بتذمُّر ونميمة وثرثرة ودينونة قائلين عن هذا إنّه رديء وذاك إنّه صالح"..!
بركة القديس يوحنا القصير تكون معنا. آمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق