مريم راجى تكتب عن دواعش مصر وشركائهم.. مَن أمن العقاب أساء الأدب

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم: مريم راجى خاص لموقع صوت المسيحى الحر

مع كل حادث اعتداء طائفى على أقباط مصر، يتكرر سؤالين؛ أولهما: ماسبب تكرار تلك الحوادث؟ والثانى: تُرى أين ومتى ستكون الموقعة القادمة؟

الأغلبية مع العقل والمنطق اجمعوا على أن سبب تكرار هذه الحوادث هو عدم تفعيل القانون على الجناة من البداية. وهنا نحتاج - بقليل من الشجاعة والصراحة - تحديد هوية أولئك الجناة، فهم ليسوا مئات الدواعش الذين يرتكبوا مذابح التعرية، النهب والحرق؛ إنما يوجد معهم عناصر أخرى تُسّهل لهم ارتكاب تلك المذابح؛ بل وتعمل على تأمينهم أثناء ارتكابها. مثلما حدث فى القرية البيضاء فى الأسكندرية منذ أيام حيث توجهت القيادات والقوات الأمنية فى مشهد مهيب لموقع الأحداث، مُسلّحة ترافقها التعزيزات. وفور وصولهم أخلوا وأخرجوا الأقباط من منازلهم؛ ثم سمحوا لدواعش القرية باقتحام المنازل ونهبها وحرقها. وتركوا المجال مفتوحاً لهم فأخذوا وقتهم كاملاً فى ارتكاب شتى صور الاعتداءات والجرائم. وليس أدل على تواطؤ المسئولين من مشهد مبيت الأقباط فى العراء عدة ليالى متتالية على مرئ ومسمع من الجميع.. ذاك المشهد المؤلم المُهين الذى لم يحرك ساكناً لرئيس حكومة أو وزير أو محافظ... إلخ. وانتهت الأحداث بنهاية أشد مأساوية، حيث ألقت قوات الأمن القبض على مجموعة من الأقباط المجنى عليهم واتهمتهم بخزعبلات. دون القبض على أياً من مرتكبى جرائم النهب، الحرق والاتلاف. وللأسف نفس السيناريو سبق تكراره فى العامرية وقرى النهضة وشربات.

شركاء دواعش مصر هم محافظ ومدير أمن المنيا وبعض قياداتها التشريعية والتنفيذية والشرطية، الذين تواطئوا مع المئات من مسلمى "الكرم" لتعرية سيدة قبطية وزفها عارية تماماً فى شوارع القرية. ثم حاولوا تبرئة شركائهم المجرمون بنفى حدوث الواقعة من الأساس. ولا ندرى ما الذى تفعله تلك القيادات الآن لتبرئة ساحة الجناة إخوانهم فى الجهاد ضد تقدم مصر وخروجها من كبوتها.

شركاء دواعش مصر هم قيادات المنيا التنفيذية والشرطية التى تركت المجال لدواعش قرية الجلاء للاعتداء على أقباطها على مدار عام كامل فى 2015، بحرق الكنيسة ورشقها بالحجارة، نهب منازلهم، حرقها، إتلاف وحرق زراعاتهم، افتعال المشاجرات والاعتداء عليهم بالضرب، التحرش بالقبطيات. حتى بلغ الأمر حد الاعتداء على الأطفال الأقباط فى المدارس، الأمر الذى دعا أولياء الأمور لمنع أبناؤهم من الذهاب لمدارسهم. وأمام تواطئ المسئولين، قرر دواعش الجلاء توسيع نطاق عملهم ومخططهم الإرهابى؛ فتوجهوا للقرى المجاورة واعتدوا على أقباطها. كل هذا الكم من الجرائم والاعتداءات دون إلقاء القبض على داعشى واحد أو تقديمه للمحاكمة، رغم سيل المحاضر التى حررها أقباط القرية ضد الجناة. بل أن الأمر فاق كل التوقعات عندما أخذت قيادات المحافظة التنفيذية والدينية على عاتقها تبرير كل تلك الجرائم. فزعمت أن مرتكبى الاعتداء على الكنيسة مجرد صبية. وانتهى الأمر بالتصالح فى جلسات عرفية مع غض البصر عن كل المحاضر كأنها لم تكن. وهى نفسها القيادات التنفيذية والأمنية التى سمحت لمجموعة دواعش رعاع رفض بناء كنيسة القرية رغم استخراج التصاريح اللازمة. بل سمحت لهم إملاء ووضع شروطهم المتعصبة المتخلفة للموافقة على بناء الكنيسة. كل ذلك حدث فى جلسات عار عُقدت داخل ديوان عام المحافظة وبحضور المحافظ. ونفس السيناريو تكرر فى نفس التوقيت مع كنيسة شهداء ليبيا بقرية العور.

شركاء دواعش مصر هم بعض قيادات وزارة الداخلية ومديرو الأمن أمثال صادق الهلباوى الذى أخذ على عاتقه هدم الكنائس بالمنيا عندما تولى منصب مدير الأمن بها. وله واقعتين شهيرتين، حيث اعتدى وقواته على كنيسة فى مغاغة وأخرى فى أبوقرقاص.

شركاء دواعش مصر هم محافظ بنى سويف ومدير أمنها وقياداتها الذين تركوا المجال لدواعش "كفر درويش" الاعتداء على أقباطها بالتهجير والنهب والحرق. وعاش الأقباط مسلسل حرق منازلهم على مدار 7 أيام متتالية، رغم وجود قوات أمنية ووحدات إطفاء كانت ترفض إخماد الحرائق بزعم تعطل وحدات الإطفاء. وللأسف تكرر نفس المسلسل الذى انتهى أيضاً بانتهاك القانون وعدم تقديم أى جناة للعدالة. والأمثلة على هذه النوعية من الشركاء لا حصر لها.

شركاء دواعش مصر هم القيادات الأمنية فى مختلف المحافظات الذين يرفضوا إصدار تراخيص بناء الكنائس بدون أسباب. وأحياناً يكتفوا بالتصاريح الشفهية. ويغلقوا الكنائس لسنوات بزعم الدواعى الأمنية. مصر لا تحتاج تجديد الخطاب الدينى فى المساجد فقط؛ إنما تحتاجه فى تنقية مناهج الأزهر، وتنقية عقول ونفوس طلاب وقيادات الشرطة، وإقناعهم بان الكنائس دور عبادة لها احترامها وقدسيتها مثل المساجد، ولا يجب التصدى لمحاولات بنائها، وأخذ 13 تعهد على مواطنين أقباط لضمان عدم تحويل مبنى لكنيسة، كأنكم بصدد منع بناء قاعدة عسكرية تابعة لدولة أخرى. أنتم لا تتصدوا لأماكن ممارسة الرذيلة مثلما تتصدوا لبناء الكنائس.. ماهى مشكلتكم مسئولين وشعب مع الكنائس؟!!

للأسف.. أمن المنيا لم يلق القبض على 25 من جناة "كوم اللوفى" بسبب اعتداءهم على منازل الأقباط؟ بل ألقى القبض عليهم لاعتداءهم على مأمور المركز، وتكسيرهم سيارتين للشرطة. ولو لم يفعلوا هذا؛ ما ألقت الشرطة القبض عليهم. بل كانت ستلقى القبض على الأقباط المجنى عليهم، لاتمام خطة الموازنات والضغوط المعروفة لإجبارهم على التصالح والتنازل عن حقوقهم.

كنت قبلاً استنكر تواطؤ المسئولين من محافظين ومديرى أمن... إلخ؛ لكن بعدما قرأت تصريحات زكى بدر أثناء زيارته لأسقف المنيا فى أعقاب غزوة "الكرم" أيقنت أن أولئك المسئولين يرقصوا على أنغام دُف رب البيت. فالمشكلة ليست فى محافظ أو مدير أمن أو رئيس حى فقط. المشكلة فى رئيس الحكومة والوزراء الذين يروا مرءوسيهم ينتهكوا القانون والحقوق ويشاركوا فى تنفيذ كل الاعتداءات الطائفية ولا يحرك لهم ذلك ساكناً.. المشكلة فى وزير الداخلية الذى لم يعاقب مدير أمن وقيادات الإسكندرية والمنيا فى أحداث القرية البيضاء، الكرم، وكوم اللوفى.. المشكلة فى وزراء الداخلية السابقين الذيم لم يعاقبوا ضابط مطاى الذى ساعد المدعو "عبد الماجد" من الهروب فى المنيا عقب ثورة 30 يونيو. ولم يعاقبوا الهلباوى إزاء تجاوزاته فى حق الكنائس. ولم يعاقبوا كافة القيادات الأمنية التى تواطئت وشاركت فى كل الاعتداءات والتجاوزات الطائفية المشار إليها وغيرها. وسمحوا بصمتهم إزاء جرائم تلك القيادات أن تدوس وتدهس كرامة مصر وقانونها بتوجهاتهم ونزعاتهم الدينية المتطرفة المتعصبة.

المشكلة فى وزراء العدل الذين لم يعاقبوا رئيس محكمة جنايات بالمنيا؛ أصدر حكم ببراءة 4 متهمين شرعوا فى قتل القبطى "إفرايم شحاته" ابن سمالوط وزوجته. وأصدر الحكم ببراءة الجناة فى أول جلسة لنظر القضية. ضارباً بكل القوانين والإجراءات القضائية عرض الحائط. ولم يعاقبوا رؤساء الدوائر والمحاكم الذين أصدروا أحكام مخالفة للقانون ضد أقباط اتهموا ظلماً بإزدراء الدين الإسلامى.

المشكلة تكمن فى القيادات الدينية الإسلامية التى تسمح لبعض الأئمة اعتلاء المنابر. وبخ سموم أفكارهم الشيطانية فى نفوس الناس، وحثهم على كراهية الأقباط وتكفيرنا وإباحة أعراضنا وأموالنا.

كنت قبلاً أكن كل الاحترام لبيت العائلة، لكن ما رصدته من بعض فروعه وأعضائه مؤخراً؛ جعلنى اشمئز من هذا الكيان الكفتة. خاصة بعد واقعته المخزية فى أزمة كنيسة عزبة "إلياس حنا" بمركز سمالوط فى المنيا: عندما توجّه بعض الأئمة برفقتهم أب كاهن كاثوليكى للقرية واجتمعوا مع دواعشها - الذين يرفضوا فتح الكنيسة المغلقة منذ 2009- اجتمعوا معهم فى غياب الطرف القبطى ودون إخطار المطرانية. وبدلاً من القيام بواجبهم التوعوى الدينى وتغيير الأفكار المغلوطة واقناع مسلمى القرية بقبول فتح الكنيسة؛ بدلاً من ذلك إذ بهم ينحوا أمر الكنيسة جانباً ويوصوا بإنشاء كوبرى.. ولا أدرى صراحة ما علاقة الكنيسة بالكوبرى؟!!!!!!

وأخيراً افُتضح أمرهم، وتبين أنه كيان وهمى لا وجود له. وأنهم انتحلوا صفة أعضاء بيت العائلة – فرع المنيا الذى مازال تحت الإنشاء ولم يتول مهام عمله حتى الآن.

ناهيك عن واقعته الأكثر خزياً فى أحداث "الكرم" عندما اجتمعوا فى منزل عمدة القرية وحاولوا إجبار الأقباط على الحضور والتصالح رغم أنف الكنيسة - قيادة وشعباً – التى أعلنت مسبقاً رفضها جلسات الصلح العرفى قبل تطبيق القانون على الجناة، واستشاطوا غضباً بعدما فشلوا فى تحقيق هدفهم، وبدأوا فى مهاجمة الأسقف.

ونفس السيناريو تكرر أمس فى "كوم اللوفى" حيث زار وفد بيت العائلة القرية وحاولوا استمالة الأقباط والضغط عليهم لإتمام الصلح، وباءت محاولاتهم بالفشل.. عذراً لأننا أفسدنا عليكم السيناريوهات المعهودة وتمسكنا بإعمال القانون. وسنظل على إصرارنا وموقفنا مهما حدث ومهما فعلتم. ولا مجال أمامكم سوى الخضوع للقانون، واحترام شركائكم فى الوطن. وإن كنت أرى أننا لن نكون أبداً شركاء مع دواعش أو إرهابيين أو حتى شركاء مع مجرد متطرفى الفكر. فإما التعايش السلمى أو إرحلوا من حيث أتيتم بمخططاتكم الشيطانية التخريبية.

لماذا لم يخرج علينا أى مسئول حتى الآن بقرار مجازاة لمحافظ الأسكندرية ومدير الأمن أو أياً من قياداتها الأمنية بعد مجزرة القرية البيضاء؟!! لماذا أغفل رئيس الحكومة مطالبنا بإقالة ومحاكمة محافظ ومدير أمن المنيا إزاء إدعاءاتهم الكاذبة بشأن أحداث "الكرم"؟!! ماذا تنتظروا؟ هل تنتظروا المزيد من الاعتداءات والمذابح؟

انتظروا أذن هدم الدولة مع المزيد من الاعتداءات على الأقباط فى ظل إصرار بعض مسئولى الدولة على إهانة القانون وعدم تطبيقه على الجناة، وإهدار كرامة وحقوق المجنى عليهم وحق المجتمع الذى نص عليه القانون.

انتظروا المزيد من الاعتداءات بنفس السيناريو: شائعة كاذبة يتجمهرعلى أثرها المئات بالأسلحة. يمارسوا مختلف صور وأشكال الاعتداءات الشيطانية اللانسانية على مرئ ومسمع من كافة السلطات التنفيذية. وبعد انتهاء الدواعش من اعتداءاتهم، يظهر الأمن ليلقى القبض على قلة منهم مع عدد من الأقباط لعمل التوازنات. وأخيراً يظهر الملّقبون ب "العقلاء" ويدعون لعقد جلسات ذل وعار وانتهاك للقانون والحقوق والدساتير.

انتظروا المزيد من الاعتداءات طالما لا يتم القبض على الجناة، ولا يقدموا لمحاكمات عادلة ناجزة، لينالوا جزاءات وأحكام رادعة. انتظروا المزيد طالما لا يُحاسب مسئول على تقصيره وتواطئه. طالما لا يُحاسب ضابط داس القانون ببيادته العسكرية، ودعا أو حضر جلسة عرفية، ولا يُعلن عن عقابه، ليكون عِبرة لغيره. وتذكروا أن مَن أمن العقاب أساء الأدب.

لكِ الله يا مصر رئيس وشعب محترم مسلمين معتدلين وأقباط.. لكِ الله من سرطان ووباء قاتل اسمه الإخوان والسلفيين. بدأوا بفكر متطرف متعصب. وانتهوا لمنهج داعشى يذبح، يحرق أحياء - كما حدث فى الخصوص -، يعّرى النساء، ينهب، يهدم ويحاول إلقاء الأطفال فى الحرائق المشتعلة وعندما يفشل فى ذلك يطاردهم محاولاً الفتك بهم بأى طريقة.

ويبقى التساؤل الثانى: تُرى.. أين ومتى الموقعة القادمة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

https://st-julius.blogspot.com.eg/. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

انشر معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

إجمالي عدد زوار الموقع هذا الشهر

بحث هذه المدونة الإلكترونية

اضغط هنا للاستعلام الان

blogger

Translate

blogger

الاكثر مشاهدة

https://st-julius.blogspot.com.eg/

hi

مقالات

اضغط هنا للاستعلام الان

المشاركات الشائعة