«من فضلك، لأجل المسيح، تجنب هذا السلوك الذى هو غير مقبول فى أى من كنائسنا فى الولايات المتحدة الأمريكية، هذه المظاهرات تشوه بلدنا ومكسب للشر، لدينا ظروف مختلفة تماماً عن تلك التى قبل خمس أو عشر سنوات، ونحن لا نستطيع التعامل مع الأحداث الجديدة المتطورة باستخدام الأساليب القديمة، وابن الطاعة يحل عليه البركة».
لأن البابا تواضروس، بابا المصريين، بابا الكنيسة المصرية، جاء بيانه أعلاه متوافقاً مع الروح الوطنية، مؤكداً على عبارته الأثيرة «وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن»، لم يفارق موقعه فى قلب الجماعة الوطنية، ولم يتاجر بالقضية، ولم يزايد فى المزاد المنصوب فى الفسطاط الكبير.
وضع نفسه فى موقعه الصحيح، يعرف جيداً موضع قدميه، لا يغرز فى وحل الطائفية، ويذهب إلى مصلحة الوطن العليا، ويبنى على تراث المحبة، ويعوّل على عدالة القضية، ويعلم علم اليقين أن غالبية المسلمين متعاطفون، محبون عادلون مع إخوتهم، إلا المرجفين من السلفيين والتابعين.
البابا تواضروس يُجنب المسيحيين خسارة محبة السواد الأعظم، ويضع المسيحيين فى قلب الوطن، مواطنين لا ذميين، مواطنين وليسوا أقلية، ولا يتعاطى إحن ومحن الطائفية، يعلو عليها، ويقف منها موقفاً مصرياً رافضاً لكل ما هو ضد الطبيعة المتسامحة للشعب المصرى.
رسالة البابا لأقباط المهجر رسالة من قلب أب محب إلى قلوب أولاده الغاضبين، الغضب يُعمى عن رؤية الحقيقة ماثلة أن هناك مَن يستهدف وحدة الوطن، ويضرب فى أساساته، ويُشَهِّل أوجاع الأقباط خارجيا، يقين البابا أن الحلول لن تأتى من الخارج، وفى الداخل رجال مؤتمَنون على توفير الحلول، يخشى تبضع الخارج للقضية القبطية ضغطاً أو ابتزازاً، أو تدخل القضية القبطية على خط الأزمة بين الغرب والقاهرة، هؤلاء يرومون ضغطاً، ولن يكون الأقباط أبداً ورقة ضغط.
لا ينكر البابا ولا يتنكر لآلام الأقباط، ومتألم لما يجرى عليهم من بغى طائفة جاهلة جهولة بحقوق المواطنة، ووقف موقفاً ثابتاً، والتقى الرئيس على أرضية وطنية، وتكاشفا فى الأمر، وتدارسا الموقف، وخرج بوعود، وذهب إلى توطئة المواطنة بقوانين، قانون بناء الكنائس نموذج ومثال.
البابا يتحسب من فتنة وقودها الناس والحجارة، ويخشى على الوطن، ويطفئ النار المشتعلة فى صدور الشباب، ويبصر بالأمر، ويتقفى آثار مَن سبقوه فى احتواء هذه الغضبة الهائلة بالحكمة، والكلمة الطيبة، وإسناد الأمر إلى أهله، لا يستجدى غرباً ولا يستجلب شرقاً، ما يأتى من الغرب لا يسر القلب أبداً.
بحسابات المكسب والخسارة: مثل هذه المظاهرات أمام البيت الأبيض تؤرق المسلمين المحبين، وتوغر صدور البعض من إخوة الوطن فى المهجر، وهم مَن وقفوا صفاً واحداً ولايزالون فى ظهر الدولة المصرية، ونافحوا عن عودة مصر إلى أهلها بعد اختطاف، وهذا مُثبَت ومحمود وغير منكور، واجب عليهم، هم إخوتنا وإن غابوا عنا، وإن شعروا بغربة أو خشوا على أهليهم من الخشية، والمسيحيون ليسوا غرباء بل أصلاء شجرتهم مغروسة فى طين الوطن منذ القدم.
رسالة البابا فيها سمو، محلقاً فوق المحنة، لا تفارقه صورة كنائس الوطن وهى تحترق فى ليلة مشؤومة، ويعلم علم اليقين أن الأقباط مستهدَفون ضمن جموع المصريين، وأن الاستهداف الداخلى لا ينفصل بحال عن الاستهداف الخارجى، بل يوطئ للاستهداف الخارجى، يرفض أن يكون الأقباط «كعب أخيل» ينفذ منه المتربصون إلى قلب الوطن.
ويعلم أن المستجير بالأمريكان واهم، هذه الإدارة الأمريكية هى التى أتت بالإخوان، وهى التى تحتضن السلفيين، وهى التى تناصب النظام الوطنى العداء منذ ثورة 30 يونيو، متى كانت هذه الإدارة عادلة مع المصريين، هل تحركت يوماً والكنائس تُحرق بطول البلاد وعرضها، ألم تبارك أعداء الوطن الذين هم فى التحليل الأخير أعداء المسيحيين؟!!.
تابعنا على فيسبوك من
العودة للصفحة الرائيسية من
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق