ابليس الذي يشوه صورة الإله الحقيقية:-
ان هدف ابليس اولاً واخيراً هو ان لا يعرف الانسان الاله الحقيقي لئلا يحبه ويعبده ويكون في شركة معه. واذ معرفة الإله المعرفة الحقيقية هي الحياة بالنسبة للانسان فان ابليس بذلك يحقق مآربه وهو هلاك الانسان وذلك بجعله منفصلاً عن الإله.
وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 3:17).
ومن خلال كلمات الكتاب المقدس سأوضح هدف ابليس هذا وطريقته لتحقيق هدفه:
1- هدف ابليس الاساسي
- ان يعمي الاذهان عن معرفة الاله الحقيقي.
- وأن يمنع وصول الحق الى الانسان.
- وأن يشوه صورة الإله ويشوه الحق.
كما هو واضح من هذه الكلمات:
" الذين فيهم اله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم انارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الإله" ( 2 كو 4:4 )
ابليس هو الذي يعمي الاذهان حتى لا يصلها نور معرفة الإله الحقيقي. ولكن للأسف احب الناس الظلمة اكثر من النور وهكذا يحاول ابليس بكل الوسائل مستخدماً الاحداث الواقعة في حياة الانسان ان يوصل له انطباعاً خاطئاً عن الإله وهذا ما فعله مع حواء قديماً مستخدماً مكره وخداعه. فاذ نقرأ في سفر التكوين هذه الكلمات "وكانت الحية أحيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله فقالت للمرأة، "أحقاً قال الإله لا تأكلا من كل شجر الجنة". فقالت المرأة للحية، "من ثمر شجر الجنة نأكل واما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال الإله لا تاكلا منها ولا تمساه لئلا تموتا". فقالت الحية للمرأة لن تموتا بل الإله عالم انه يوم تاكلان منها تنفتح أعينكما وتكونان كالإله عارفين الخير والشر. هنا نجد الحية تفسر لحواء أمر الإله لها ولآدم بعدم لاكل من الشجرة التي في وسط الجنة تفسيراً معكوساً للحقيقة. اذ أنها أقنعت حواء لا شعورياً ان الإله بأمره هذا يحرمها من مكانه رفيعة وهي ان يكونا مساويين له تصيران كالإله " اي انه إله اناني لا يريد الخير لهما ولكن اذا فهمنا فكر الإله الحقيقي لادركنا انه من محبته لهما قد اعطاهما هذه الوصية لخيرهما فهو:
اولا: اعطاهما وصية كي يتيح لهما الفرصة لممارسة حرية الارادة في ان يختارا بمحض ارادتهما ان يطيعاه ويعبران عن محبتهما له بطاعتهما هذه.
ثانياً: ان الإله هو خالقهما ويعرف جبلتهما وانه ليس لخيرهما ان يقررا ان يستقلا عنه ويرفضا الخضوع لسلطته، لانه كيف يستغني الانسان عن خالقه ومصدر حياته؟ فالإله يعرف انه ان اكل الانسان من شجرة معرفة الخير والشر سوف يتكبر ويستقل عنه وعند هذه النقطة عينها يصير ضعيفاً امام الشر الذي عرفه ويسقط تحت سطوته. فانفصال الانسان عن الإله يضع الانسان نفسه تحت لعنة الموت لان حياته في خالقه.
لذلك نجد ان الإله قرر ان يمنع ادم وحوءا من الاكل من شجرة الحياة بعدما اكلا من شجرة معرفة الخير والشر حتى لا يصير لهما دوام الحياة تحت لعنة الموت والسقوط تحت وطأة الشر. وهنا نجد ان امر الإله كان لخير ادم وحواء اما الحية فشوهت الحقيقة وهكذا قبلتها حواء فحدث السقوط.
2- القلعة التي يستخدمها العدو لتحقيق هدفه هي الذهن
اله هذا الدهر قد اعمى اذهان غير المؤمنين" (2كو4:4) ولكنني اخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح" (2كور3:11).
"أذ اسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالإله على هدم حصون هادمين ظنوناً وكل علو يرتفع ضد معرفة الإله ومستأسرين كل فكر الى طاعة المسيح (2كو10: 5،4). فالعدو بمكره يداوم على بناء ظنوناً وافكارا كاذبة حتى تصير حصونا تعيق الوصول الى معرفة الإله والمعرفة الحقيقية.
2- وسائل العدو لتحقيق الهدف
كلنا يعرف كلمة حصون انها تعنى أسواراً عالية ومنيعة، وبالطبع فإن هذه الحصون لا تبنى في يوم وليلة بل لا شك انها تتطلب وقتا طويلا لبناءها كذلك فان الحصون التي يبنيها عدو النفوس حول الاذهان هي حصيلة ظنون وافكار كاذبة ترسبت عبر السنين بواسطة استخدامه للاحداث والعلاقات في حياة الانسان ليعيقه من معرفة الحق. والعدو يعمي اذهان غير لمؤمنين وكذلك يحاول ان يخدع اذهان المؤمنين ويفسد اذهانهم، وفي ايامنا هذه يستخدم عدونا الخبيث طرقه الملتوية لايقاع اخلص المؤمنين في فخ الانخداع والبعد عن الحقيقة الروحية اذ يجعلهم يتعاملون مع إله آخر غير الإله الحقيقي.
من أحد الوسائل التي يستخدمها ابليس هو محاربته بالمكتوب كما فعل مع الرب يسوع عندما قال له" إن كنت ابن الإله فاطرح نفسك الى اسفل لانه مكتوب انه يوصي ملائكته بك فعلى ايديهم يحملونك لكي لا تصدم بحجر رجلك. فقال له يسوع مكتوب ايضاً لا تجرب الرب الهك" (مت6:4 ،7).
فقد يدفع ابليس بعض المؤمنين لتجربة الإله اذ بجهلهم يتوقعون الإله وينتظرونه ليس في طريق احكامه بل في قالب رسموه داخل اذهانهم عنه فقد يبث العدو سمومه وافكاره المشوهة عن الإله من خلال كلمات يوحي بها الى اذهان البعض في صور لامعة وبراقة في الكتاب المقدس او في صورة أمور ايمانية براقة، خارقة للطبيعة مثلما فعل مع الرب يسوع عندما قال له ألقي بنفسك لان هذا سيكون دليل ايمانك بالمكتوب بأنك ستحمل...!!! فمثلاً، قد يقول للمؤمنين اهمل في صحتك فالإله شافيك او لا تبالي برعاية أبناءك فالإله يعني بهم ويحفظهم. او لا تفكر كيف ستدبر بيتك حسنا فان هذا عدم ايمان مثلاً والحقيقة ان الإله اوصانا بأن لا نقلق او نهتم لدرجة التثقل بأمور الحياة لانه هو حقاً يعتني بنا ولكنه بذلك لا يدعونا لحياة الكسل والتواكل وعدم المبالاة والسلبية التي تكون نهايتها غير مسرة حتماً.
والبعض منا يعرف قصة الثلاث فتيات اللواتي أردن الذهاب الى بلدة يفصلها عن بلدتهن نهر – فقررن في انفسهم ان يذهبن اليها مشياً على المياه كما فعل بطرس قديماً عندما امره يسوع بذلك. ولكن نهايتهن كانت الغرق. لقد جربن الإله ولم يكن هذا هو الايمان الذي يدعونا اليه الكتاب المقدس .
وللأسف قد يظن بعض المؤمنين المخلصين ان كل ما يأتي الى اذهانهم وقت الصلاة في صورة كلمات او انطباعات داخلية مصدرها الوحيد روح الإله. فلا يتوقفون برهة لامتحانها وقياسها على الحق الكتابي وبالتالي يعطوا فرصة لإبليس ان يبث سمومه بين كلمات صحيحة من عند الإله لانه علم انهم لا يفحصون شيئاً بل يقبلون كل فكر بسلبية تامة وعدم يقظة فيوقعهم في شبكة الانخداع ويرسم لهم صورة عن الإله غير حقيقية وقد يجعلهم يضعون انفسهم في قوالب جامدة وغير حقيقية او لا واقعية، وبتقبل هذه الخدعة واستمرار الموقف السلبي يخفق النور الحقيقي في الاعماق وتزداد امكانية الانخداع ويا لها من نتائج موجعة تلك التي تتبع هذه الاوضاع اذ ان البعض يصاب باحباط شديد في الإله او في انفسهم اذ انهم انتظروا الإله في طريق اخر غير طرقه، وفي قالب وضعوه هم فيه فلم تتحقق احلامهم فيه وتوقعاتهم منه وهكذا تنبت بذور اللوم والمرارة تجاه الإله ويخفت نور الايمان في صلاحه ومحبته وهكذا يمتلأ الانسان بالمخاوف تجاه الإله. وهذا بالطبع لا يدعونا الى التشكك في صوت الإله داخلنا او من خلال الاخرين بل كما يقول الكتاب المقدس ان نمتحن كل شيء ونتمسك بالحسن "لا تطفئوا الروح. لا تحتقروا النبوات. امتحنوا كل شيء وتمسكوا بالحسن" (1تس19:5-20).
"لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك" ( 1تيمو 16:4 )أهمية المعرفة والفهم الروحي:
إننا كثيراً ما نظن ان الاخلاص يكفي للحياة مع الإله ولكنه وحده ليس بكافياً ان لم يمتزج بمعرفة الحق. اذ يستغله ابليس لغرس سمومه في الاعماق لقد قيل "هلك شعبي من عدم المعرفة" وليس لعدم الاخلاص. نعم ان الشخص المخلص سيحفظه الإله ويثبته ولكن الإله لا يريده ان يظل جاهلاً بل يدعوه بكل الطرق لطلب المعرفة والسعي وراء النور ومعرفة الإله المعرفة العميقة الناضجة كما ذكر في سفر الامثال" يا إبني ان قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك، حتى تميل أذنك إلى الحكمة ويعطف قلبك على الفهم إن دعوت المعرفة ورفعت صوتك إلى الفهم أن طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز، فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد معرفة الإله لأن الرب يعطي حكمة من فمه المعرفة والفهم" (أم 2 : 1-6)، "إذا دخلت الحكمة قلبك ولذت المعرفة لنفسك فالعقل يحفظك والفهم ينصرك لإنقاذك من طريق الشرير ومن الانسان المتكلم بالاكاذيب لإنقاذك من المرأة الأجنبية من الغريبة المتملقة بكلامها" ( ام 2 : 10-12 ، 16 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق