ملف كامل عن هجرة الأقباط.. رحلة الهروب إلى الغرب

.

مع كل حادث طائفي تشهده مصر، تعلو نبرة الهجرة للخارج، وتنتعش بورصة النصابين والمتاجرين بالقضايا القبطية على وجه الخصوص، ظهر ذلك في الحوادث الطائفية التي تعرضت لها مصر على مدى العقود الأخيرة، وتكررت مع رحيل أسر قبطية عن مدينة العريش، عقب مقتل 7 أقباط على يد التنظيمات الإرهابية خلال شهر فبراير الماضي فقط.
وظهرت للهجرة وخاصة القبطية في مصر، خريطة للهروب إلى جنة الغرب الموعودة، تنوعت بين الطرق الشرعية وغير الشرعية، ولكل طريق ثمن لا بد من دفعه، وتخصصت في هجرة الأقباط مافيا من المنتفعين والنصابين الذين ينسجون خيوطهم بدعوى مساعدة الأقباط المضطهدين على الهجرة في الظاهر، وفي الباطن تقف المصلحة وانتفاخ جيوبهم ولو كان من دم أخيه القبطي.
ظهرت هجرة الأقباط من مصر لأول مرة عقب ثورة 23 يوليو 1952، وبعدها تعددت أسباب الهجرة مع كل حقبة سياسية تمر بها مصر، وفى المهجر تكونت الحركات والائتلافات الذين صار معظمهم يحن إلى مصر الوطن ويساندها في الشدة، إلا أن قلة منهم يتصدرون المشهد دائما تحولوا إلى شوكة وخنجر في خصر الوطن، ينفذون أجندات أجنبية ويشوهون البلاد بغير حقيقة الأوضاع فيها.
وبين كل ذلك تقف الكنيسة، بمختلف طوائفها وعلى رأسها طائفة الأقباط الأرثوذكس، في الموقف الوطني الذي يعمل دائما على ربط أقباط الخارج بوطنهم الأم، ومحاولة تصحيح الصورة وأن نالها في سبيل ذلك هجوم الفئة الشاذة من أقباط المهجر، كما تربط الكنيسة وأقباط المهجر تقديم الخدمات الروحية مقابل التبرعات التى تعتمد عليها الكنيسة بصورة أساسية في تمويل أنشطتها إلا أن بعض المهاجرين يشتكون من تقصير لكهنتها بالخارج.
«البوابة»، فتحت الملف لكشف خريطة الهجرة وأسبابها ودور أقباط المهجر فى الخارج وموقف الكنيسة من المهاجرين وطرق النصب على الأقباط بجنة الغرب الموعودة.
باحثون قبطيون يحذرون: «قوة مصر الناعمة» تتحول إلى شوكة فى «ضهر الوطن» «لبيب»: المنظمات القبطية ظهرت أواخر الستينيات.. و«عدلى أبادير» كان أبرز الممولين «الهيئة الكندية» أسست عام 1969 على يد «سليم نجيب» و«الأمريكية» عام 19722.. و«البريطانية» فى 1996 بدأت هجرة الأقباط إلى الغرب، منذ خمسينيات القرن الماضى، وتحديدًا عقب ثورة ٢٣ يوليو١٩٥٢، لتتواصل الهجرة لأسباب متنوعه منها العمل والتعليم، وخرجت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من المحلية إلى كل دول العالم، ومع الهجرات القبطية والانتشار الكنسى فى معظم دول العالم، ظهرت كيانات وأشخاص قبطية، مثلوا قوة ناعمة لمصر فى الخارج عبر المناصب التى تقلدوها، والنفوذ الذى حصلوا عليه من دول المهجر، وكانوا قوة داعمة لمصر فى كثير من الفاعليات والأزمات التى ألمت بالوطن، تتعدد أسماؤهم، لكن لا يمكن حصرهم، منهم من فضل البقاء والاستمرار فى الخارج ومنهم من عاد للوطن ليخدم بلاده وموطنه الأصلى وأبرزهم الدكتور مجدى يعقوب، والمهندس هانى عازر، والدكتور إبراهيم سمك، الذين لم يبخلوا بعلمهم وجهدهم عن الوطن، ومنهم من تبوأوا أماكن فى البرلمانات الأوروبية والدولية وبذلوا مجهودات كبيرة خاصة عقب ثورة ٣٠ يونيو، وعملوا على توضيح صورة مصر المغلوطة دوليًا وما حدث بها وتفنيد أكذوبة «الانقلاب العسكرى»، بل خرج بعضهم بدعوات من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى تنظيم مظاهرات فى البلدان المتواجدين فيها، وأمام البرلمانات الغربية، تحث على دعم مصر وثورتها، ونظموا وقفات للترحيب بالرئيس عبدالفتاح السيسى فى زياراته الخارجية لمواجهة مظاهرات تنظيم الإخوان الإرهابى. لكن على الضفة الأخرى هناك بعض الأشخاص الذين ساروا وراء مصالحهم وتحولوا لشوكة فى ضهر الوطن، واستغلوا الأحداث الطائفية التى تقع فى الداخل هنا وهناك ليتاجروا بالمعاناة القبطية، وأخذوا يملأون العالم صراخًا وضجيجًا بضرورة حماية الأقباط بل منهم من تمادى فى شذوذه عن القاعدة القبطية الوطنية وطالب بإنشاء دولة قبطية وتقسيم الوطن، والتدخل الخارجى عسكريا، مصورا ما يحدث من مشكلات طائفية، باعتبارها مذابح تجرى على الهوية. وآخر تحركات أقباط المهجر، كانت المسيرة التى دعت إليها منظمة التضامن القبطى بالولايات المتحدة الأمريكية أمام البيت الأبيض تنديدًا ببعض الأحداث الطائفية التى وقعت للأقباط فى الفترة الأخيرة، خاصة فى محافظة المنيا، إضافة إلى الدعوة لتنظيم مظاهرة أمام البيت الأبيض خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى المرتقبة إلى واشنطن للقاء دونالد ترامب، بسبب أزمة الأسر القبطية فى العريش فى شمال سيناء. وبحسب بعض الدراسات القبطية، فإن الجيل الأول من المهاجرين الأقباط كانوا من رجال الأعمال وأصحاب الأعمال والشركات الذين أضيروا من قرارات التأميم التى أعقبت ثورة ٢٣ يوليو، ثم تزايدت الهجرة فى فترة السبعينيات مع صعود تيار الإسلام السياسى فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، الذى ظهر فى عهده لقب «أقباط المهجر» بعد المظاهرات التى خرجت ضده فى الخارج مع وقوع أحداث طائفية فى مصر وتوترات ما بين السادات والبابا الراحل شنودة الثالث. واستفاد هؤلاء من المناخ المتواجد فى أوروبا وأمريكا وبروز القضية القبطية على سطح الأحداث الدولية وتسليط الضوء عليها، فى ظل محاولة الغرب اللعب بتلك الورقة للضغط على النظام بالداخل. ويشير الباحث فى الشأن القبطى، هانى لبيب، فى دراسة عن أقباط المهجر، إلى أن ظهور التشكيلات المنظمة للأقباط فى المهجر الذين يصفهم بالمهاجرين المسيحيين المصريين بدأ فى أواخر ستينيات القرن الماضى، قائلا: «تشكلت الهيئة القبطية الكندية عام ١٩٦٩ على يد الدكتور سليم نجيب وآخرين، وتشكلت الهيئة القبطية الأمريكية عام ١٩٧٢ على يد الدكتور شوقى كراس، والهيئة القبطية البريطانية عام ١٩٩٦ على يد الدكتور حلمى جرجس، والمنظمة المصرية الكندية لحقوق الإنسان عام ١٩٩٦ على يد نبيل عبدالملك، والاتحاد القبطى الأمريكى على يد رفيق إسكندر، والائتلاف القبطى المسيحى على يد عصمت زقلمة». ويتابع لبيب: بعد ذلك ظهر رجل الأعمال الراحل عدلى أبادير، الذى مول الغالبية العظمى من أنشطة المهجر ومؤتمراتهم فى سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، ونهج الطريق نفسه لبعض الوقت رجل الأعمال كميل حليم، الذى يعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تظهر كيانات جديدة مثلها، مولها كل من مايكل منير، رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة الأمريكية ورئيس مجلس إدارة جمعية «إيد فى إيد» من أجل مصر بالقاهرة، ومجدى خليل، رئيس منتدى الشرق الأوسط للحريات، ونادر فوزى، رئيس منظمة مسيحيى الشرق الأوسط بكندا، والدكتور خيرى مالك، والدكتور حلمى جرجس، وبهاء رمزى فى هولندا، وكمال عبدالنور، وصبحى جريس، رئيس جمعية الثقافة القبطية بفرنسا، ورمسيس شحاتة، رئيس منظمة اندماج وصداقة أقباط ألمانيا، وسمير حبشى، رئيس الهيئة القبطية الأسترالية، مشيرًا، إلى تأثر المهاجرين المسيحيين وأدائهم بالمنظومة السياسية الأمريكية، بعد أن أصبحت قضية حقوق الإنسان، من أهم القضايا المثيرة للجدل على الساحة الدولية، ما يصطدم بالعديد من المعوقات، يأتى فى مقدمتها الحديث عن التدخل الدولى لحماية مسيحيى مصر تحت مسمى التدخل الإنسانى الذى ترجم فى شكل صدور قانون أمريكى بمسمى، التحرر من الاضطهاد الدينى عام ١٩٩٨، والمعروف إعلاميًا بقانون الحماية الدينية. ويتابع لبيب: «ما يحكم العلاقة بين المهاجرين المسيحيين والدولة والكنيسة هو المناخ السياسى والفكرى الذي يعيشون فيه، وهى علاقة تحكمها مفردات الحياة السياسية الأمريكية بديمقراطيتها أحيانًا، وبالتعامل مع المؤسسة الدينية بمنطق التعامل الروحى فقط فى أحيان كثيرة، ما جعل الكنيسة فى موقف حرج بسبب علاقتها بالدولة، فهى لا تستطيع أن تتحمل ما يفعله المهاجرون المسيحيون المصريون، ولا هم يستطيعون قبول كل ما تفعله الكنيسة، إضافة إلى محاولاتهم المستمرة لإيجاد دوائر ضغط على النظام السياسى المصرى لتحقيق مطالبهم التى يرون مشروعيتها فى المسألة المسيحية»، مشيرًا، إلى ضرورة تصنيف المهاجرين على أنهم فئة واحدة لها رأى واحد، غير أن هناك أحد الاتجاهات بينهم تدعم اتجاه الاستقواء بالغرب وهو الذى يناقش هموم المسيحيين سواء فى المؤتمرات أو فى أروقة الكونجرس الأمريكى أو على مواقع الإنترنت، ومن أهم رموزه، كميل حليم، ومايكل منير، ووليم ويصا، وعادل جندى، وسليم نجيب، ونبيل عبدالملك، ومجدى خليل، ووليم الميرى، وسعد ميخائيل، وألفونس قلادة، ومجدى سامى زكى، ورودولف مرقص ينى، وأميرة فلتاؤس جوهرة، ومدحت قلادة، وموريس صادق، وكان يأتى فى مقدمتهم رجل الأعمال الراحل عدلى أبادير الذى مول العديد من أنشطتهم. ويضيف لبيب: «رغم ذلك يظل هناك قطاع عريض يمثل الغالبية العظمى من المهاجرين لا يسيئون إلى مصر ولا يتجاوزون ضدها، بل يهتمون بها وبمشكلاتها اعتمادًا على المعلومات الدقيقة وعلى حقيقة ما يحدث». من جهته، أكد جورج قلادة، رئيس جمعية المصريين بإيطاليا، لـ«البوابة»، أن أغلبية من أقباط المهجر متفاعلون ومتعاطفون مع أحداث الداخلية فى مصر ويمتازون بحس وطنى عال ولهم أهل وأقارب فى مصر ما يجعلهم دائما متواصلين ويمثلون جسرا حقيقيا مع بلدهم الأصلى وقد تجلى ذلك فى الأوقات العصيبة التى مرت بها البلاد ابتداء من ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وانتهاء بانتخابات الرئاسة، وأثبتوا مدى وﻻئهم وحبهم للبلد، وهى الفترة التى أظهرت العديد من الحركات والائتلافات القبطية والتى كان معظمها يتفق مع السياسة الداخلية ويدعمها إيمانًا منهم بأن مصر فى حاله خطر وأنها ما زالت تدفع فاتورة إفساد المخطط الدولى لتفتيت المنطقة. ويضيف قلادة، أن مجموعة من هؤلاء وهم قله أخذوا طريقًا آخر فى الاعتراض عما يحدث للأقباط فى مصر وسلكوا طرقا غير سليمة ومارسوا آليات الضغط على الحكومة. وتابع قلادة: «الأقباط فى الخارج وطنيون جدا، وينتظرون من الدولة أن تعطيهم حقوقهم وتعاقب كل من يتسبب فى حدوث فتنه طائفية، وهذا ما تفعله الدولة حاليا وهو شيء جيد»، موضحًا أنه من السهل على الحكومة أن يكون لها ظهير شعبى عريض من الأقباط فى الخارج فى حال إحساسهم أنهم مواطنون ولهم حقوق فى بلدهم، محذرًا الدولة من خسارة الأقباط لأنهم صمام الأمان فى الخارج.ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢ بدأت بعد ثورة يوليو الفقر و«الإخوان» وقضايا الازدراء.. أهم أسباب الهروب أغنياء المسيحيين خرجوا فى الستينيات بسبب «قانون الإصلاح الزراعى»..وفى التسعينيات بحثًا عن العمل لم تظهر هجرة الأقباط من مصر، حسب تصريحات سابقة للبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، إلا بعد ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، لينتشر الأقباط فى ١٠٠ دولة حول العالم، جاءت الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا على رأس تلك الدول التى قصدها الأقباط فى هجرتهم. وفى أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ ومع صعود تنظيم الإخوان لحكم مصر، تزايدت أعداد الأقباط فى الخارج حتى إن الكهنة شكوا للكنيسة عدم قدرتهم على ملاحقة هجرة الأقباط إلى الخارج. وقال مينا ثابت، مدير برنامج الأقليات والفئات المستضعفة بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إنه خلال الستة عقود الأخيرة، شهدت مصر موجات من هجرة المسيحيين، حيث تصاعدت مخاوف الأقباط بشكل مضطرد من صعود ونفوذ تيار الإسلام السياسى، وأدى شعور الكثيرين منهم بعدم الأمان والخوف بالإقدام على السفر. وأضاف ثابت، أنه لا يمكن أيضًا تجاهل التدهور الشديد فى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، خاصة فى محافظات الجنوب، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع الإقبال على السفر، والهجرة سعيًا لبداية حياة جديدة، أى أنه يمكن القول بأن التمييز والعنف الطائفى يشكلان دافعًا أساسيًا لهجرة المسيحيين، ولكن لا يمكن تجاهل تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وقال مينا مجدى، منسق اتحاد شباب ماسبيرو، إن هجرة الأقباط من مصر مرت بمراحل كثيرة، حيث إن لكل مرحلة أسبابها، ففى الحقبة الناصرية كان معظم المهاجرين الأقباط من طبقة كبار الملاك الذين تأثروا بقانون الإصلاح الزراعى، أما بعد الحقبة الناصرية بدءًا من المرحلة الساداتية وحتى الآن هناك عدة أسباب لهجرة الأقباط، منها، الفئة التى هاجرت نتيجة لتعرضها لتمييز دينى مثل شخص يمنع من العمل فى الجامعة كمعيد، فيبدأ البحث عن الهجرة للتغلب علي العواقب التى منعته من تحقيق أحلامه وأهدافه. وأضاف مينا: «هناك فئة من الأقباط مثلها مثل بقية الشعب المصرى من المسلمين هاجرت للبحث عن فرص عمل جيدة لها وفرص تعليم جيدة لأبنائها، فهى هجرة ليست لأسباب دينية، ولتحسين الظروف المعيشية وهى نسبة كبيرة بلا شك، أما الفئة الثالثة، فهى التى تعرضت لظلم أو اضطهاد دينى واضح، فاضطرت إلى اللجوء الدينى للخارج مثل أطفال المنيا الذين حكم عليهم بالسجن ٥ سنوات بعد اتهامهم بازدراء الدين الإسلامى لقيامهم بعمل فيديو مدته ٣٠ ثانية الغرض منه السخرية من داعش وممارساتها الهمجية فى ليبيا، أو دميانة المدرسة بالأقصر التى اتهمت بازدراء الدين الإسلامى ثم تبين بعد ذلك كذب الادعاء ما اضطرها إلى عمل لجوء دينى للخارج». وتابع مينا: «الفئة الأخيرة، تمثل النشطاء السياسيين وأنا أسميهم الباحثين عن الحرية، وهم هاجروا للخارج لوجود فرصة أكبر للتعبير عن آرائهم بحرية وهذه الفئة ليست قاصرة على الأقباط، ولكن على المسلمين أيضًا، فسبب هجرتهم بالأساس ليس لتحسين أوضاعهم المادية، ولكن لعدم ارتياحهم للمناخ السياسى فى مصر. وهذه الفئة ظهرت تحديدا من بعد ثورة ٢٥ يناير وإحساس الشعب المصرى بقدرته على التغيير، ثم ما تلاها من أحداث أصابت قطاعًا كبيرًا من الشعب المصرى بإحباط، فلجأ كثير من الشباب، خاصة المعنيين بالمجال الحقوقى والسياسى إلى الهجرة».الواقع الصادم الكنيسة والمهاجرون.. الخدمة مقابل التبرعات سبق خروج الأقباط من مصر، خروج الكنيسة، فقد خرجت الكنيسة من المحلية إلى العالمية مع ظهور الهجرة القبطية للخارج عقب ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، وقرارات التأميم التى أضير منها كبار رجال الأعمال الأقباط، فيما كان أول ظهور للكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى الخارج فى دولة الكويت، فى ستينيات القرن الماضى خاصة فى عهد البابا كيرلس السادس، البطريرك ١١٦ فى تاريخ الكنيسة القبطية، ثم بدأت تتمدد الكنيسة فى كندا ثم الولايات المتحدة وانتشرت فى أوروبا فى عهد البابا الراحل شنودة الثالث، ليصبح الأقباط موجودين فى ١٠٠ دولة حول العالم والكنيسة منتشرة فى ٦٠ دولة منها، آخرها اليابان التى تم افتتاح أول كنيسة قبطية بها فى يوليو الماضى، وحملت اسم «كنيسة العذراء مريم ومار مرقس»، وصار للكنيسة القبطية أكثر من ٥٠٠ كنيسة فى الخارج يشرف عليها أكثر من ٣٣ أسقفًا بل وببعض البلدان أديرة قبطية للرهبان، وعلاقة الكنيسة والأقباط هى علاقة الأم بأبنائها، فهى ترعاهم وتباشر شئونهم ويقوم الكهنة التابعون للكنيسة والمنتشرون فى كل الدول بزيارة الأقباط وتفقدهم فى منازلهم بالخارج، من منطلق دور الكنيسة الروحى، وفى نفس الوقت تعتمد ميزانية الكنيسة على أموال وتبرعات هؤلاء الأقباط خاصة الأغنياء منهم. عملت الكنيسة على ربط الأقباط بوطنهم الأم مصر، وتصحيح صورة الأوضاع فيها وإن نالت الهجوم من الفئة الشاذة من أقباط المهجر الذين يوجهون سهامهم المسمومة إليها فى بعض الأحيان، ولا يتورعون عن الهجوم على البابا شخصيًا. ومع هجرات الأقباط للخارج كان مقصد القبطى حينما يذهب إلى أى دولة أن يزور الكنيسة هناك، التى تساعدهم وتعمل على توفير عمل لبعضهم فى ضوء دورها الاجتماعي، ولكن بعض الأقباط الذين يذهبون للخارج يجدون أن الأبواب صدت أمامهم. يقول إيهاب شنودة المدون القبطي، ويعمل محاسبًا فى الولايات المتحدة الذى هاجر إليها منذ ١٩٩٥ لـ«البوابة»: «إن الفكرة الشائعة لدى الأقباط الذين يهاجرون إلي لخارج بأن الكنيسة المصرية بالمهجر ستتلقفهم من المطارات فور وصولهم وتتبناهم فى المهجر وتغمرهم بالرعاية والخدمات، بينما الحقيقة عكس ذلك تمامًا، بل إنهم يصطدمون بالواقع المرير الذى يشعرهم بخيبة أمل فى أعمال الكنيسة بالمهجر التى هى عبارة عن صورة من الكنيسة فى مصر يإيجابياتها وسلبياتها ونفس سلوكيات الأقباط والكهنة». ويضيف شنودة، أنه من واقع خبرته الشخصية بالإضافة إلى بعض المواقف التى عاصرها شخصيًا، فضلًا عن بعض الدلائل العامة التى لا يمكن إنكارها، يمكن القول بأن مستوى الخدمات التى تقدمها الكنيسة فى مصر لشعبها أفضل من الرعاية المقدمة فى المهجر، وذلك ببساطة لأن الشعب القبطى الذى يرعى إخوته فى مصر لديه وقت أكثر ولا يصارع بشراسة. لتأسيس نفسه فى المهجر، مشيرا إلى أن طبيعة الكنيسه ومدى رعايتها للشعب تختلف حسب شخصية الكهنة الذين يديرون الكنيسة، وأيضا وجود تزكية أو واسطة مع المهاجر كما هو الحال فى مصر. ويتابع شنودة: «أن الكثير من المهاجرين يأتون إلى الولايات المتحدة مثلًا دون أن تنبههم الكنيسة فى مصر قبل وصولهم إلى أهمية تعلم القيادة أو الإنجليزية، وهذا قصور من الكنيسة وأقل القليل أن توفر الكنيسة على موقعها أو فى مصر كتيبات أو إرشادات للمهاجرين الجدد وهذا غير موجود، بل إننى أعلم عن شخص يدعى «م.ب» كان يساعد الأقباط فى منطقه كنيسة مارجرجس فى لوس أنجلوس على تعلم القيادة، مستخدمًا سيارته الخاصة وتعرض لعدة حوادث سير أثناء تعليمهم القيادة، وعرض على كهنة الكنيسة أن يشترى على نفقته سيارة لتعليم القيادة على أن تقوم الكنيسة بتأسيس كيان قانونى لتعليم القيادة تحت مظلة الكنيسة تهربا من المسئولية». ويشير المدون القبطى إلى أنه لا توجد فى غالبية الكنائس بالمهجر مكاتب أو أفراد متخصصون لإرشاد القادمين الجدد بشكل منظم، وإنما يسعى المهاجر الجديد للمعونة بسؤال هذا وذاك عن عمل أو استشارات وتضيع سنون وأعمار من البعض لعدم وصولهم للشخص المناسب. ويحكى شنودة «أنه منذ شهور أخبره أحد الأقباط عن فتاة «ن» قادمة من الإسكندرية بصورة شرعية، وليس لديها مكان للسكن وأرسلت رسائل إلى ٦ من الكهنة طالبة مساعدتها، ورد واحد فقط وهو القمص مورتيوس من كنيسة «بل فلور» ووعد بتوفير سكن وعمل، ولكن للأسف لم يف بوعده، وانتهت الفتاة إلى السكن فى جراج بدون حمام مع أسرة قبطية فى منزل غير آدمى بالمرة». يشير شنودة إلى أن الكنيسة مقصرة تجاه المهاجرين الأقباط، وأقصى ما تفعله هو إعطاء عنوان محامٍ للمهاجر دون أن تعرفه حقوقه الأساسية ولو من خلال مجموعات أو كتيبات.أبرزها اللجوء الدينى 5 طرق يستخدمها الأقباط للرحيل الكنائس تساعد الأقباط فى الهجرة العشوائية رحلات «الترانزيت» فى المطارات الأوروبية أهم الحيل 564 قبطيًا قدموا طلبات لجوء إلى ألمانيا بعد «30 يونيو» كندا توفر لجوء الكفالة الكنسية تشكل هجرة الأقباط من مصر حالة من المد والجزر خلال العقود الماضية، تعود أسبابها إلى عوامل تتنوع ما بين اقتصادية وسياسية، ومع تزايد هجرة الأقباط خلال فترات بعينها ماضية، صار الأقباط يضعون خريطة طريق يعلمون معالمها ويحفظونها للحصول على الهجرة من مصر أو حتى التقدم للجوء دينى تحت دعاوى متعددة كلها تندرج تحت مسمى «الاضطهاد». وفى الوقت الذى يحدثك الكثير من الأقباط عن تجاربهم للهجرة من مصر، يقف على الجبهة الأخرى الرافضون لكشف هوياتهم أو الحديث عن طلبهم للجوء الدينى فى الخارج لأسباب أمنية تخصهم خشية على أسرهم المتواجدين بمصر. الطريق التقليدى لهجرة الأقباط والمسلمين أيضا لأمريكا وكندا، هو برنامج الهجرة العشوائية التى تطرح كل عام ويتزاحم عليها الأقباط والمسلمون، وإن كانت الكنائس نفسها، تقدم خدمة للأقباط، من خلال التوعية بهذا البرنامج وطريقة التقدم عليه عبر مكاتب الكمبيوتر المنتشرة بداخلها، التى تكتظ سنويًا بعشرات الأقباط وأسرهم لتقديم بياناتهم على أمل الحصول على فرصة للهجرة خارج البلاد، أو الحصول على تلك الهجرات عبر مكاتب وسماسرة تعمل فى مصر فى غياب الدولة، وتكشف عن نفسها، وتلتقى بالأقباط جهارًا نهارًا، لتقدم عروضها بالمساعدة على الهجرة من مصر إلى أمريكا أو كندا، عبر التعريف بشروط الهجرة معهم سواء هجرة للم الشمل أو الاستثمار أو الدراسة، وهناك يمكن الحصول على الإقامة. كما توجد طرق أخرى للهجرة منها الحصول على تأشيرة للزيارة أو السياحة إلى إحدي الدول الأوروبية، وبعد انتهاء مدة الفيزا السياحية، يبحث الشخص عن عمل أو عن زواج من أجنبية من أجل الحصول على الإقامة القانونية. أو القيام بالمخاطرة عبر رحلات الهجرة غير الشرعية التى انتشرت خلال السنوات الماضية، عبر الطرق البرية الوعرة أو قوارب الهجرة عبر عصابات التهريب التى تعرف النقاط الحدودية الضعيفة فى البلدان الأوروبية بعيدا عن حرس الحدود، أو عبر سعى الكثير من الشباب بالزواج من أجنبيات يحملن الجنسيات الأمريكية أو الأوروبية عبر التعارف عليهن عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو عن طريق الأصدقاء وهى طريقة تحتاج إلى صبر وبمجرد زواجه منها تعطية فرصة الدخول القانونى لبلدها والإقامة بها. وبعيدا عن هذه الطرق التقليدية، يسلك بعض الأقباط طريقا آخر وهو اللجوء الدينى، وكان آخرهم أطفال أقباط المنيا الأربعة المتهمين بازدراء الأديان ومحكوم عليهم بالحبس فى حكم أول درجة من محكمة جنح بنى مزار، الذين هربوا إلى تركيا وهناك ظلوا ٥ أشهر فى منزل بمدينة إسطنبول قبل أن توفر لهم منظمات قبطية وحقوقية فرصة لطلب اللجوء إلى سويسرا. وهناك طرق كثيرة يسعى إليها الأقباط للحصول على اللجوء كوسيلة سهلة للهجرة من البلاد، والحصول على إقامة فى جنة الغرب الموعودة، وتضع كل الدول شروطا تتعلق بمنح اللجوء الدينى أن يتقدم بها طالب اللجوء فى البلد الذى يريد اللجوء إليه، وأن يكون خارج وطنه الأصلى، وأن تكون لديه مبررات رفض العودة إلى بلده نتيجة تعرضه للمطاردة والاضطهاد لأسباب تعود إلى الجنس أو الدين أو الاعتقاد السياسى أو تعرض حياته وحريته للخطر وكذلك بسبب التمييز العنصرى حسب اتفاقية جنيف لعام ١٩٥١، التى تمنع إعادة اللاجئ إلى بلده أو إلى بلد يتعرض فيه للمطاردة أو الاضطهاد، والذين يحصلون على اللجوء فى الولايات المتحدة الأمريكية يمكنهم التقدم بطلب الحصول على الإقامة الدائمة أو البطاقة الخضراء. والشكل القانونى لطلب اللجوء فى أمريكا وكندا ومعظم الدول الأوروبية، هو قيام طالب اللجوء بدخول البلد الذى يرغب اللجوء إليه بطريقة شرعية عبر الحصول على فيزا للدولة، أو النزول إليها «ترانزيت» وفى المطار يذهب إلى الضابط الموجود بالمطار ويعلن تقديمه طلبًا للجوء ويسرد الوقائع التى دعته لذلك، ثم يسرد ماذا سيحدث له لو عاد مرة أخرى إلى مصر، وأنه حال اقتناع الضابط بكلامه؛ سيبدأ فى عمل إجراءات اللجوء الدينى، أما الخطوة الثانية فى حال عدم اقتناعه فسيحيله الضابط المسئول بالمطار إلى القاضى الذى سيحدد له جلسة استماع لمطلبه ومناقشته فيها، فإذا اقتنع القاضي؛ سيعطيه حق اللجوء، أما إذا رفض منحه هذا الحق، فمن حق طالب اللجوء الاستئناف. ومثال على ذلك ما ذكرته صحيفة «بيلد» أشهر الصحف الألمانية وأكثرها توزيعًا فى سبتمبر ٢٠١٣، حيث كشفت عن رصد السلطات الألمانية لموجة غير مسبوقة من طلبات اللجوء لألمانيا من قبل أقباط مصر فى الشهور الثلاثة الأولى عقب ثورة ٣٠ يونيو الماضى، حتى بلغ ٥٦٤ لاجئًا، وحسب الشرطة الاتحادية فى مدينة بوتسدام الألمانية، فإن الأقباط اللاجئين كلهم يستخدمون نفس الأسلوب للوصول إلى الأراضى الألمانية التى تلزم قوانينها طالب اللجوء بأن يطأ الأراضى الألمانية أولًا كشرط لتقديم طلب اللجوء، فلجأ الأقباط إلى حيلة لذلك حيث يستقلون رحلات طيران تابعة لشركة لوفتهانزا من القاهرة إلى تفليس فى جورجيا ويحجزون التذاكر ذهابًا وعودة، ولكنهم يستغلون التوقف ترانزيت فى مطارى فرانكفورت أو ميونيخ للتوجه لسلطات المطار وتقديم طلباتهم للجوء إلى ألمانيا بسبب ما يتعرضون له من ملاحقة واضطهاد فى مصر على يد جماعات الإسلام السياسى وأبرزها تنظيم الإخوان الإرهابى. ويوجد نوع آخر من اللجوء إلى كندا، المعروف باللجوء بالكفالة الكنسية، وسمى ذلك مجازًا فهو لجوء يجرى بمساعدة منظمات كندية ولا يشترط فى طالبه أن يكون مسيحى الديانة فالكنيسة، تقوم بذلك على سبيل العمل الإنسانى فقط، كما تشير مواقع الهجرة القبطية، وفكرة هذا اللجوء على تعهد كنيسة فى كندا باستقدام اللاجئ ورعاية شئونه خلال السنة الأولى لوصوله بعد تقديم اللاجئ طلبًا لها بذلك ولا يستطيع تقديمه إليها مباشرة بل يجرى عبر شخص كندى أو مقيم دائم فى كندا، ويقوم هذا الشخص أيضًا بإيداع مبلغ مالى كافٍ فى حساب الكنيسة للإنفاق على اللاجئ لمدة عام، ويختلف إيداع هذا المبلغ على حسب عدد أفراد الأسرة والمقاطعة التى سيعيش فيها ولكنها تتراوح بين القيم التالية: (شخص واحد: من ٩٠٠٠ إلى ١١٠٠٠ دولار، شخصان: ١٥٥٠٠ إلى ١٨٥٠٠ دولار، ٣ أشخاص: من ١٧٧٠٠ إلى ٢٣٠٠٠ دولار، ٤ أشخاص: ٢٠ ألفًا إلى ٢٦ ألف دولار)، حيث تصرف الكنيسة دفعات شهرية من هذا المبلغ على اللاجئ بعد وصوله إلى كندا على مدى ١٢ شهرًا لضمان عدم التقدم بطلب إعانة من الدولة الكندية فى هذه الفترة، وبعد انتهاء العام يفترض باللاجئ أن يكون قد نظم أوضاعه المالية أى أنه قد وجد عملًا أو أى مصدر دخل، فإذا لم يجد يحق له تقديم طلب للمعونة من الدولة الكندية، كما يجب أن يكون اللاجئ الذى يستفيد من الكفالة الكنسية خارج بلده الأصلى وقت تقديم اللجوء أى أنه لا يستطيع القدوم من وطنه مباشرة إلى كندا وتعطى الأولوية لمن حصل على شهادة الحماية من الأمم المتحدة. وما يميز هذا النوع من الهجرة إلى كندا أن نسبة القبول فى طلبات اللجوء فيه عالية والرفض يجرى غالبا لأسباب أمنية، كأن يكون اللاجئ متورطًا فى نشاط إجرامى وهو أمر نادر الحدوث، ويستغرق نظر الطلب عادة مدة تتراوح من عدة شهور إلى سنة، وبذلك هو أسرع من أنواع الهجرة الأخرى إلى كندا، وهذا النوع من اللجوء غير متوفر فى كل كنائس كندا فلا يحق لأى كنيسة كفالة اللاجئ، بل إن هناك كنائس محددة ومرخصًا لها ذلك.حكايات من دفتر النصب شركات وهمية باعت «الفنكوش» للأقباط «سعيد» زعم قدرته على تسهيل هجرة الأقباط إلى أمريكا وكندا، وإنهاء إجراءات اللجوء الدينى فى أعقاب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، ومع تصاعد ظهور تنظيم الإخوان وسعيهم لحكم مصر، تزايدت محاولات الأقباط للهجرة إلى الخارج، خوفا من ممارسات التنظيم الإرهابى ضدهم، وبسبب هذه الحالة من التدافع للفرار من انتشار تلك التنظيمات من الإخوان وما يتبعها، ظهر المنتفعون ممن استغلوا خوف الأقباط، ورغبتهم فى الرحيل، لتحقيق أرباحًا مالية ضخمة، عبر شبكة من المحامين وشركات السياحة، والتى بدأت تروج لنفسها وتعلن عن قدراتها تسهيل الهجرة إلى الخارج، تارة إلى هولندا وأخرى إلى جورجيا، فضلاً عن إشاعة تسهيلهم طلبات اللجوء الدينى للأقباط، وهو الفخ الذى وقع فيه المئات من الأقباط فريسة سهلة لشبكات النصب. الولايات المتحدة وكندا، ظلت الدولتان حلم الأقباط الأكبر للهجرة، ومع تزايد رغبتهم فى الرحيل تشعبت شركات الوهم تحت أعين الدولة لخداع الأقباط، ووصل الأمر إلى ظهور شركات سياحية أجنبية فى الترويج لقدرتها على تخليص طلبات اللجوء الدينى للأقباط، تزعم هذه الشبكة شخص يدعى شريف سعيد، أردنى الجنسية، الذى أسس شركة سياحة فى الولايات المتحدة الأمريكية. «سعيد» زعم قدرته على تسهيل هجرة الأقباط إلى أمريكا وكندا، وإنهاء إجراءات اللجوء الدينى، وفى إحدى رحلاته إلى القاهرة، بعد التنويه مسبقًا عن موعد زيارته إلى مصر، حدد مقرين للقاءاته، إحداهما بالقاهرة وآخر ببورسعيد مع الحالمين، وفى مكتب بمنطقة المعادى خلف الجراند مول، جلس سعيد لاستقبال ضحاياه، فيما عقد لقاءاته الأخرى بفندق إلى جوار استاد بورسعيد. أخر زيارات «سعيد» إلى القاهرة كانت يومى ١١ و١٢ أكتوبر الماضى فى المعادى الجديدة، و١٥ أكتوبر فى بورسعيد، ولكى يحبك «سعيد» خطته استعان بعدد من الأقباط كعاملين فى تجهيز مقابلاته فى القاهرة، وإرسال الإيميلات إلى الأقباط الراغبين فى الهجرة، لتحديد مواعيد المقابلات سواء للهجرة، أو الاستثمار، والدراسة، والقرعة العشوائية للهجرة، ويعرف الرجل نفسه بأنه متخصص فى الهجرة لأمريكا، ما عدا الهجرة عن طريق العمل، ولديه خبرة ثلاثين عامًا فى هذا المجال، مع سعيه لإقامة مقرا ثالثا فى الإسكندرية، وخصص المقابلة الأولى مع عملائه بالمجان، فيما يفرض رسومًا على المقابلات اللاحقة بواقع ٥٠ دولارًا للمقابلة الواحدة. ويقول مايكل بيتر، وهو محاسب فى أحد الشركات الخاصة، والذى وقع ضحية لسعيد، بإنه ينشط فى موسم الهجرة العشوائية إلى أمريكا ويأخذ البيانات من عملائه مقابل مبلغا بسيطا قد يكون ١٠٠ دولار، مقنعًا العميل بأنه يستطيع أن يجلب له باتصالاته الموافقة على الهجرة، ثم يطلب بعدها ٥ آلاف دولار من المتطلع للهجرة، على أن يأخذ ٣ آلاف دولار أخرى بعد الحصول على الموافقة، ويقامر بالأوراق ويقدمها فإن أتت الهجرة العشوائية كسب باقى المبلغ المتفق عليه، وإن لم يحالف الحظ صاحب الأوراق يرد إليه ما أخذه منه فى البداية، لكن بعد فترة من الوقت ويرجعها فى صورة تذاكر سفر صادرة من شركته السياحية، وهو ما حدث معه. وكانت أكبر عملية نصب للأقباط، لخصتها أكذوبة الهجرة إلى جورجيا، التى بدأ الترويج لها مع وصول الإخوان إلى حكم مصر فى ٢٠١٢ وبدايات ٢٠١٣، فانتشرت عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، بأسماء مختلفة عن الهجرة إلى جورجيا، لدغدغة مشاعر البسطاء ورسم حلم الهجرة بعيدًا عن مصر، وفتح مجال الاستثمار فى الخارج، ويقوم على تلك الصفحات بعض النصابين وشركات السياحة التى تعمل على توفير الفيزا، وحجز تذاكر الطيران للأقباط للسفر إلى جورجيا، على أمل أن يتحرك من هناك إلى أوروبا وخاصة ألمانيا، ليطلب فى المطار الألمانى حق اللجوء الدينى. بدأت العملية بالترويج للاستثمار فى جورجيا وإمكانية الحصول على الإقامة والجنسية بشراء أراضٍ زراعية، وعمل مشاريع استثمارية بأسعار رخيصة، ليفاجأ الأقباط عند وصولهم هناك أنهم اشتروا أرضًا فى جبل وليست أرضًا زراعية، فضلاً عن ارتفاع تكلفة المعيشة هناك مقارنة بمصر. «كيرلس عياد»، قبطى فى الثلاثينيات من عمره، كان يحلم بالهجرة إلى جنة الغرب الموعودة، وسمع عن تكالب الأقباط للسفر إليها، وهناك يذهبون إلى أوروبا ويطلبون الحصول على اللجوء، ولكن أحلامه تهاوت تحت وقع النصب الذى حدث له يحكى كيرلس معاناته لـ«البوابة»، «فيقول، إنه ذهب إلى إحدى شركات السياحة ويقع مقرها فى منطقة المهندسين، وبعد أن دفع ٤٠ ألف جنيه للشركة على أمل الهجرة عاد إلى القاهرة بعد شهر واحد فى جورجيا فى رحلة لا تكلف سوى ١٠ آلاف جنيه، بعد أن باعت لهم الشركة الوهم بالحياة فى جورجيا، وإمكانيه تسهيل حصولهم على اللجوء الدينى فى أحد المطارات الأوروبية، ولكن هناك اصطدمنا بانتشار عمليات النصب على الأقباط، ورأيت الكثير منهم ضاعت أموالهم، وفشلت مشروعاتهم، لأن البلد فقير جدًا، ولم تنضم إلى الاتحاد الأوروبى حتى الآن، وتأشيرتها لا تساعد ولا تدعم الحصول على أى فيزا أخرى، ما مثَّل صدمة كبرى لكثير من المهاجرين، وأن الشىء الوحيد الذى وجدوه منتشرًا فى جورجيا هو زراعة العنب لصنع النبيذ فقط، كما وجدوا أن الإيجارات مرتفعة، ما يعجز معه المؤجر عن تحقيق أى ربح، فضلاً عن النصب بقصة تأسيس الشركات هناك.

المشاركات الشائعة

https://st-julius.blogspot.com.eg/. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

المساهمون

انشر معنا

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

إجمالي عدد زوار الموقع هذا الشهر

بحث هذه المدونة الإلكترونية

اضغط هنا للاستعلام الان

blogger

Translate

blogger

الاكثر مشاهدة

https://st-julius.blogspot.com.eg/

hi

مقالات

اضغط هنا للاستعلام الان

المشاركات الشائعة